قانون القمار في التشريع العراقي

يميل الكثير من العراقيين في الوقت الراهن إلى اللجوء الى لعب ألعاب الكازينوهات وألعاب المراهنات في وضع العراق الإقتصادي الراهن والذي يصعب على المواطنين إيجاد لقمة العيش. وقد أثبتت الإحصائيات الحديثة أن اللاعبين العراقيين من الأجيال الشابة هي من أكثر الفئات المقبلة على ألعاب القمار، لاسيما تلك المقدمة على مواقع الكازينوهات في الإنترنت حيث انتشرت الكازينوهات الإلكترونية على نحو كبير خلال الآونة الأخيرة. ظهرت الكثير من الفئات المعارضة لألعاب القمار باعتبارها ألعاب تخالف الدين الإسلامي، ولكن ظهرت أيضاً الكثير من الفئات المعارضة لهذا الرأي والمتخصصة في الدين لتعريف ماهية القمار وهل ينطبق هذا التعريف على ألعاب المراهنات الحالية. وفي هذا السياق تحدث رئيس تحرير موقع أحلى بت، كاظم مسالمة، في مقاله عن حكم القمار والرهان في الإسلام وذكر أن “وتعريف القمار في الآية القرآنية الكريمة يشير إلى أنه هو النشاط الذي يقوم به شخص ضد شخص آخر أو ضد مجموعة من الأشخاص.” لذلك، نعرض في هذا المقال مناقشة سريعة لهذه الآراء المتعارضة والمتناقضة.

أهم عوامل لجوء العراقيين إلى القمار

انتشار القمار بشكل كبير

قبل الحديث عن تجريم أو تحريم ألعاب القمار وألعاب المراهنات، علينا أولاً بالتريث والنظر قليلاً للوضع العام الموجود في العراق حالياً. لقد كانت العراق أحد اهم البلاد الاقتصادية في الوطن العربي قبل الاحتلال الأمريكي. حيث تعج العراق بالكثير من الموارد والثورات الاقتصادية والطبيعية على أعلى مستوى. ولقد عاش العراقيين على نحو مُرفه ومنزه عن جميع الشبهات طوال السنوات، والدليل لجوء الكثير من الأفراد في الوطن العربي إلى الهجرة للعراق نظراً لما فيها من موارد وفرص عمل لا حصر لها. اعتمدت العراق منذ فجر التاريخ على النفط والبترول الذي كان ولازال نعمة ونقمة على العراق. حيث شهد العراقيين والعرب بشكل عام خيرات لا حصر لها نتيجة لسوق النفط الذي كانت العراق تتصدره قبل السعودية في الوقت الراهن. فقد عاش العراقيين في نعيم وفي سيطرة كاملة على الأمور بسبب اقتصاد النفط الذي ل يخلو منه أي صناعة ليس فقط في الشرق الأوسط، بل في العالم أجمع. ولكن، كان النفط أيضاً نقمة على العراق حيث أنه بسبب وجود هذا الكنز، سيطر الاحتلال الأمريكي على العراق للحصول على النفط من مصدره وبوضع اليد. لم تنتهي نقمة النفط على العراقيين عند هذا الحد، بل استمر إلى وقتنا الراهن. حيث يعاني الآن اقتصاد النفط من الكثير من الانخفاضات وعدم الاستقرار نظراً لمجريات الأمور المحلية والعالمية في الوقت الراهن. أصبحت العراق الآن تعاني من اقتصاد منخفض وعدم القدرة على تحمل ودفع رواتب العراقيين والموظفين نتيجة لاقتصاد النفط المنخفض وأيضاً نتيجة للإغلاق العالمي الذي حدث عالمياً بسبب فيروس كوفيد-19 الذي لازال إلى الآن منتشراً بحد كبير.

يلجأ الكثير من الداعمين للجوء العراقيين إلى ألعاب المراهنات وألعاب القمار، لاسيما في مواقع الكازينو المرخصة والمعترف بها عالمياً بأن العوامل الاقتصادية لا تساعد الأفراد على الحصول على أدنى متطلبات العيش بسلام. إلى جانب هذا، يرى الداعمين لألعاب القمار بأن أحكام الدين على القمار كانت تسري في ظروف اقتصادية وبيئية مختلفة وكانت تنهي عن جشع الأغنياء في الحصول على أموال أكثر نتيجة لاستقطاب الفقراء لألعاب القمار والحصول على أموالهم، بينما الوضع الحالي مختلف تماماً. حيث أن الوظائف أساساً أصبحت تتم عبر الإنترنت وأصبح كُل شيء يتحول رقمياً وإلكترونياً وأصبح الجميع في حاجة إلى استغلال جميع الموارد لنيل أدنى متطلبات الحياة السليمة.

عوامل تجريم القانون العراقي لألعاب القمار

تجريم لعب القمار في العراق

انتشر القمار بشكل عام في الجاهلية وقد كانت صفة مستفحلة في جميع المجالس بين الكبير والصغير آنذاك. تسببت هذه الظاهرة في التفكك الأسري والعنف والكثير من المشكلات الاجتماعي. حرم الإسلام القمار تجنباً لتلك المشكلات الاجتماعية التي عانت عنها الشعوب آنذاك. يُمكننا تعريف القمار حسب المصطلحات القانونية والتشريعية بأنه “الأنشطة الترفيهية أو الألعاب بين متنافسين على مال يجمع منهم و يوزع على الفائز منهم و يحرم الخاسر”. تفصيلاً لهذا التعريف، يطق لفظ القمار على جميع الألعاب والممارسات التي تشمل المراهنات والنرد وألعاب الورق التي تتم بالاتفاق على أموال للرهان عليها بحيث يجمع الفائز كُل الأموال. بناء على ذلك، حدد الإسلام أركان القمار بانه اجتماع لاعبين أو أكثر وتوافر أدوات الألعاب والنية الخفية أو المعلنة لجمع الأموال من الخسارين وحصول الرابح فقط عليها، وذلك طبقاً لقول الباري عز وجل في الآية ٢٩ من سورة النساء [ يا أيها اللذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل ] وأيضاً بقول النبي مُحمد [ مًن لعب بالنردشير فكأنما صبغ يده فى لحم خنزير و دمه ]. بناء على ذلك، حرم القانون العراقي ألعاب القمار التي تنطبق عليها هذه الأركان موجب أحكام قانون العقوبات العراقي رقم ١١١ لسنة ١٩٦٩ المعدل في قانون العقوبات المادة ٣٨٩ بعقوبة الحبس لمن يثبت عليه هذه الجريمة كاملاً وليس جزئياً مدة لا تزيد على سنة وبغرامة لا تزيد على ٢٢٥٠٠٠. على الصعيد الآخر، رأي الكثير من الداعمين لهذا التشريع بأن الاقتصاد العراقي في الوقت الراهن في طريقه للارتفاع والصعود مرة أخرى نتيجة لتحرك الحكومة العراقية إلى بذل المجهودات مع الدول العربية الأخرى مثل السعودية لتجديد عقودات وشراكات النمو والطاقة الاستثمارات لتوفير حياة كريمة للشعب العراقي.