السفير العلوي يلقي محاضرة في ندوة خاصة عن العلاقات العراقية-الهولندية.

السفير العلوي يلقي محاضرة في ندوة خاصة عن العلاقات العراقية-الهولندية.

أقام قسم العلوم السياسية في كلية الإمام الكاظم عليه السلام،
وبرعاية عمادة الكلية، ندوة خاصة عبر تطبيق Google Meet تحت عنوان “العلاقات الدبلوماسية العراقية مع دول الإتحاد الأوربي: مملكة هولندا أنموذجاً”، استضاف خلالها سعادة السفير الدكتور هشام العلوي. استهلت الندوة، التي شارك فيها عدد كبير من أساتذة الكلية وطلبتها وبعض موظفي سفارة جمهورية العراق في لاهاي، بتقديم سيرة ذاتية مختصرة للسفير العلوي تحدث بعدها سعادته عن اهم وظائف البعثات الدبلوماسية، والمبادئ التي تحكم العلاقات الدولية للعراق مع اصدقاءه في العالم عموماً ومع دول الإتحاد الأوربي خصوصاً، وطبيعة العلاقات مع مملكة هولندا وخاصة في الفترة التي أعقبت عام 2003، ودور المملكة في دعم جهود العراق المتواصلة في حربه ضد عصابات (داعش).

ابتدأ سعادة السفير محاضرته بتعريفٍ “فن الدبلوماسية” بين فيها أهمية الجانب التطبيقي والميداني والخبرة العملية التي تتطلبها ممارسة هذه المهنة المهمة في حياة المجتمعات البشرية المختصة بإدارة العلاقات الثنائية ومتعددة الأطراف مع بلدان العالم والمنظمات الإقليمية والدولية بما يساهم في توسيع التعاون في المجالات ذات الاهتمام المشترك بين الطرفين او الاطراف المعنية، ودورها في منع النزاعات وتحقيق الأمن والسلم، وزيادة التأثير الإقليمي والعالمي للدول، وجذب الإستثمارات وتحقيق المصالح ودفع المخاطر. كما أشار سعادته الى التطور التاريخي لهذه المهنة منذ نشوئها وحتى اليوم، موضحاً دور واهمية وزارات الخارجية في العالم بصورة عامة كونها الوزارة السيادية الأولى في جميع البلدان، معطياً نبذة عن وزارة الخارجية العراقية وعدد الموظفين فيها وحجم موازناتها في السنوات الاخيرة، وطبيعة المهام التي تقوم بها والمسؤوليات الملقاة على عاتقها، والصفات الواجب توفرها في الموظف الدبلوماسي كونه منفذاً لسياسة بلده في الخارج وممثلاً لشعبه وحضارته وثقافته .

ثم عرض سعادة السفير الوظائف الخمس الأساسية التي ورد ذكرها في اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية للعام 1961 واتفاقية فيينا للعمل القنصلي للعام 1963، وتطبيقها على الواقع الميداني، وخاصة على علاقات العراق الدبلوماسية مع هولندا فضلاً عن تركيا وجنوب افريقيا حيث عمل سعادته سفيرا للعراق.

الوظيفة الأولى هي التمثيل الدبلوماسي، ويكون بموجبها السفير وأي موظف دبلوماسي آخر، من لحظة وصوله الى البلد المضيف، ممثلاً لحكومته ومؤسساتها الرسمية، وبالتالي سوف يعتبر الموظف الدبلوماسي قناةً رسمية معتمدة لتمثيل مواقف بلده والتعبير عنها وشرحها، ويجب ان يعكس تاريخ شعبه وثقافته وحضارته لدى البلد المضيف واثناء تعامله مع البعثات السياسية للدول الأخرى المعتمدة فيها، فضلاً عن استلام الرسائل الدبلوماسية من البلد الاخر ونقلها الى بلده، وعلى هذا الأساس يتم التعامل معه من قبل وزارة الخارجية والمؤسسات الأخرى في البلد المضيف.

اما الوظيفة الثانية المنصوص عليها في الاتفاقية الدولية فهي تطوير وتنمية العلاقات الثنائية مع البلد المضيف بما يحقق أولويات البلد والحكومة التي يمثلها، وينعكس إيجابا على تحقيق مصالح البلد المُرسِل ودرء المخاطر عنه وعن شعبه.

الثالثة هي التفاوض، فان أي شخص يعمل في وزارة الخارجية، وخاصة الكادر المتقدم فيها، قد يكلف بالتفاوض مع ممثلي البلد المضيف بالنيابة عن وزارات الحكومة بشكل عام واحيانا شركات ومؤسسات غير حكومية، في قضايا مختلفة مثل اعداد الاتفاقيات والمعاهدات والمسائل الحدودية والأمنية والكثير من المواضيع الاخرى.

والوظيفة الرابعة هي نقل مواقف الحكومة في البلد المُرسِل والتعريف بجوانب الحياة المختلفة والتطورات السياسية والامنية والاقتصادية والثقافية فيه الى البلد المضيف، وفي نفس الوقت إيصال مواقف حكومة البلد المضيف وسياساتها واراء مؤسساتها ووزاراتها في قضايا معينة ذات اهتمام مشترك، فضلاً عن التطورات في المجالات السياسية والاقتصادية والتعليمية وغيرها من المجالات المهمة لدى البلد المضيف. فعادة ما ينظر الى السفارة كمصدر للمعلومات والمواقف واتجاهات الرأي في البلد المضيف، ويتم ممارسة هذا العمل بطرق مختلفة مثل اجراء مقابلات ثنائية او زيارات ميدانية او مشاركات في الندوات او استخدام وسائل الاعلام والتواصل الاجتماعي وغيرها.

اما الوظيفة الخامسة فتتعلق بمتابعة شؤون الجاليات الموجودة في البلدان المضيفة وتقديم الخدمات القنصلية للمواطنين المقيمين فيها، وهي بالتأكيد تشكل جانباً مهماً من عمل السفارات ولكنها لا تمثل الجانب الوحيد كما يعتقد البعض. تجدر الاشارة، ان هناك فرقاً كبيراً بين عدد أبناء الجالية ونشاطاتهم في كل بلد مقارنة بالبلدان الاخرى.

ثم تناول السفير العلوي تجربة العمل في مملكة هولندا بالتفصيل مستهلاً عرضه بمعلومات عامة عن حجم سكانها ومساحتها وترتيب اقتصادها بالنسبة لدول الاتحاد الاوربي ودول العالم، ومؤشرات الدخل القومي والاستثمارات الخارجية فيها، ونظرة عامة على سياستها الخارجية، وأهمية المؤسسات القضائية الدولية الموجودة على اراضيها، وعضويتها في المنظمات الإقليمية والدولية. ثم أعطى صورة عن نظام الحكم في مملكة هولندا وبرلمانها بغرفتيه (مجلس الشيوخ ومجلس النواب) وعدد الأحزاب السياسية فيها، كلٌ مع مدى أهميته وعدد مقاعده في البرلمان الهولندي، والأحزاب المؤتلفة الحاكمة مع نظرة على النظام الانتخابي، مسلطاً الضوء على الحكومة الحالية وسبب استقالتها قبل اسبوعين، وما هو متوقع بالنسبة لتشكيل الحكومة الجديدة بعد اجراء الانتخابات في آذار القادم.

ثم سلط سعادته الضوء على قطاعاتها الاقتصادية المتميزة وخاصة الزراعية والصناعية وقطاع المياه التي تتميز بها عن جميع دول العالم، فضلا عن قطاع الطاقة، وقدم معلومات مختصرة عن الجامعات الهولندية ومميزاتها المحلية والعالمية والفرص المتاحة فيها للطلبة الاجانب الراغبين في الدراسة فيها. ثم تناول سعادته قطاع النقل المميز في مملكة هولندا، والقطاع الثقافي والسياحي وغيرها، والتي تظهر أهمية هولندا وفائدة العلاقات الثنائية والتعاون معها.

بعدها عرض سعادة السفير تاريخ العلاقات الدبلوماسية والتمثيل الدبلوماسي بين البلدين، وحجم التبادل التجاري والصادرات والواردات بين العراق وهولندا، وموقف الأخيرة السياسي من العراق، ودعمها للعملية السياسية فيه بعد عام 2003 ولجهود الحكومة في حربها ضد الإرهاب، فضلاً عن انتخابها للعراق في نهاية عام 2017، مع لبنان والأردن، كدول ذات اهتمام خاص على مستوى السياسة الخارجية لمملكة هولندا، معطياً بعض الأمثلة على ما تم تحقيقه في هذا المجال خلال السنوات الثلاث الماضية، وما صاحب ذلك من جولات المشاورات السياسية التي عقدت بين اللجان المشتركة لكلا البلدين. ثم القى سعادته ضوءاً على الزيارات المهمة التي تحققت على مستوى وزراء الخارجية و كبار المسؤولين بين البلدين، مؤكداً اهتمام هولندا بمساعدة العراق في تحقيق أولوياته وتطوير القطاعات الاقتصادية غير النفطية فيه، ومساعدته في التصدي للتحديات التي تواجهه بسبب شحة المياه والتغييرات المناخية، والتغلب على جميع المشكلات الأخرى التي تواجه تطوير قطاع الزراعة فيه، وكذلك عملها لتطوير الكوادر التفاوضية في مجال دبلوماسية المياه. كما القى سعادته الضوء على الدعم الذي تقدمه هولندا لتطوير قطاع الطاقة والاستفادة من الغاز المصاحب لاستخراج النفط الخام، والشركات الهولندية التي لها مشاريع كبيرة مع وزارة النفط والتي ترتبط بعقود لتطوير الطاقة التصديرية والخزنية للعراق، فضلا عن استخدام مصادر الطاقة المتجددة للتغلب على مشاكل انتاج الطاقة الكهربائية في العراق.

وكذلك قدم سعادة السفير شرحاً مختصراً عن اوجه التعاون الثقافي والتعليمي، والاتفاقات ومذكرات التفاهم التي تم توقيعها بين الجامعات والصروح العلمية والبحثية والتدريبية للبلدين. كما شرح سعادته اسهامات حكومة هولندا في تطوير القطاع الخاص وتمكين الشباب من تطوير مهاراتهم وقابلياتهم الوظيفية، ودعم إقامة المشاريع الصغيرة والمتوسطة من خلال إنشاء مشروع المحطة في بغداد والموصل وسعي السفارة لتسهيل إقامة فروع اخرى للمشروع في محافظات أخرى؛ إضافة الى ذكرٍ سريع لقطاعات الأخرى التي يشملها التعاون الثنائي بين البلدين.

بعد انتهاء محاضرة السفير العلوي، تم فتح باب النقاش حيث وجه بعض الاساتذة والطلبة عدداً من الأسئلة والاستفسارات، على قدر ما سمح به وقت الندوة، حول طبيعة عمل السفارة والخدمات القنصلية، وكذلك عن بعض تجاربه وما مر به خلال مسيرته في العمل الدبلوماسي، قام سعادته بالاجابة عنها جميعاً.

وفي ختام الندوة، وجه مدير الندوة الدكتور منتصر حسين وعدد من الاستاذة والطلبة شكرهم العميق وامتنانهم لسعادته على المحاضرة المفيدة التي رفدتهم بالمعلومات القيمة والمهمة وعلى إجابات سعادته عن تساؤلاتهم واستفساراتهم، راجين منه المشاركة في ندوات اخرى مستقبلاً. بدوره وجه السفير العلوي الشكر لهم على استضافته وعلى مشاركاتهم، وكذلك مداخلاتهم واسئلتهم التي أثْرت الندوة.