السفير عمر البرزنجي: التنسيق مع الدوحة مستمر لإجلاء العراقيين العالقين

كيف تتواصلون مع جاليتكم المقيمة في قطر في ظل الحجر الصحي؟ 
¶ نظراً للظروف الحالية التي يمر بها العراق ودولة قطر الشقيقة، فضلاً عن العالم أجمع، في مواجهة فيروس كورونا «كوفيد – 19» وخطر انتشاره، وإيماناً منا بالأهمية الشديدة التي توليها الحكومة العراقية للجالية العراقية بالخارج ودولة قطر في مجال عملنا، وضعت وزارة الخارجية العراقية مشكلات ومعوقات الجالية في صدارة اهتماماتها، للوقوف عليها قدر المستطاع وبذل الجهد الكبير لذلك.
وبسبب الظرف الاستثنائي الذي تشهده الدولة، ووعياً من السفارة بالمتغيرات الجوهرية التي تعيشها الجالية العراقية في ضوء ما يشهده العالم من تفاقم لأزمة الوباء والتعقيدات المتصلة به والمخاطر الناتجة عنه، حرصت السفارة على تشكيل خلية أزمة برئاسة السفير وعضوية عدد من موظفي السفارة، لمتابعة شؤون الجالية العراقية المقيمة في الدولة والمواطنين العراقيين العالقين فيها.

ما النصائح التي تقدمونها لمواطنيكم لتوعيتهم باتباع الإجراءات الاحترازية التي أقرتها قطر للوقاية من فيروس «كوفيد – 19»؟ 
¶ تعمل السفارة دائماً على التوعية ونشر كل ما يطرح من الجانب القطري الشقيق من التعليمات التي تصدر عن السلطات المختصة في الدولة، ونقلها إلى الجالية العراقية، حفاظاً على سلامتهم من هذا الوباء، كما تم تخصيص أرقام خاصة بالجالية في حالة الطوارئ، فضلاً عن تزويدهم بالرقم 16000 الذي عملت الحكومة القطرية على توفيره، والخاص بإجراءات الصحة والسلامة وغير ذلك التابع لمراكز الصحة القطرية.
وبعد أن أصبح التباعد الاجتماعي من الضرورات للقضاء على هذا الوباء، فإن الالتزام في البيت خلال محن كهذه أمر مهم جداً، يكاد أن يكون بمثابة الواجب الوطني والإنساني، لأن الخطر كبير جداً.
وفي خضم هذه الأحداث، ينبغي ألّا ننسى أن هنالك أشخاصاً يعملون ليلاً ونهاراً دون راحة في المستشفيات والمراكز الصحية، وهم جنود في جبهات القتال لمكافحة هذا الوباء والوقوف مع المصابين بهذا الفيروس، وأعني بهم الأطباء والممرضين ومجموعات العمل الطبي، هؤلاء أبطال يجب علينا إظهار التقدير والاحترام لهم لما يفعلونه من عمل جبار، وفي الوقت الحالي رسالتنا للجميع أننا جميعاً بحاجة للتماسك واتباع الإرشادات الطبية الوقائية. 

هل هناك تنسيق مع السلطات العراقية بشأن إجلاء مواطنيكم العالقين بالدوحة أو دول أخرى؟
¶ تعمل السفارة في الوقت الحالي على التنسيق مع الجانبين العراقي والقطري، لتسيير رحلات اضطرارية من دولة قطر إلى جمهورية العراق، لإجلاء المواطنين العراقيين العالقين في الدولة في أقرب فرصة، إذ إن الجهات العراقية المختصة تقوم الآن بتكثيف الجهود نحو تجهيز أماكن أخرى للحجر الصحي الخاص بالمواطنين العالقين في بلدان عدة، حيث لا يخفى على أحد أن هنالك عدداً كبيراً جداً من المواطنين قد غادروا البلد، إما لأغراض السياحة أو لأغراض العلاج وغيرها، وعلقوا في البلدان التي غادروا إليها جراء تفشي الفيروس، كما تسعى السفارة إلى بلوغ هدف التعاون والتنسيق مع مختلف القطاعات الحكومية في العراق من جهة ودولة قطر الشقيقة من جهة أخرى، وذلك خدمة لمصالح جاليتنا، وخدمة للعلاقات الثنائية المتينة التي تجمع البلدين الشقيقين.

بمناسبة الشهر المبارك؛ ما رسالتك للشعب القطري؟
¶ القطريون كرماء. لقد رأيت فيهم الكرم في موائد رمضان وغير رمضان. وأسأل الله تعالى أن يزيد ويبارك للعراق ولقطر ولكل عالمنا الإسلامي بالأمن والأمان والرفاهية، وللبشرية جمعاء؛ لأن الله تعالى علّمنا أنه أرسل رسوله ونبيّه وحبيبه وصفيه محمداً -صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم- رحمة للعالمين.

وكيف وجدت أجواء رمضان في الدوحة؟
¶ في قطر، شعرت بالبركة الحقيقية. ونحن اليوم نعيش أولى أيام الشهر الفضيل، لا أخفيكم بأنّني أشعر بغاية الأسف والحسرة؛ لأننا سنستشعر جميعاً الفرق الشاسع بين رمضان هذا العام والأعوام السابقة، بسبب الظروف التي نعيش فيها منذ ظهور وباء كورونا «كوفيد – 19»! فأين نحن من صلاة التراويح والإفطار الرمضاني الجماعي مع الأحباب والمجالس والدعوات والعزائم؟! لا بد أن نجد طريقة جديدة وأجواء مماثلة، تماماً مثلما أوجدنا حلولاً لدوامنا الرسمي، وأصبحت أعمالنا الرسمية عن بعد، ومن خلال بيوتنا بوسائل التواصل، فكذلك لا بد أن نجد طريقة منزلية وعائلية لتعويض الأجواء الرمضانية العامة، ونحوّل بيوتنا إلى مساجد ومعابد، كما يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «جعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً».

ما الذكريات التي تحتفظ بها عن الصيام في بلاد الرافدين والعواصم التي عيّنت بها سفيراً للعراق؟
¶ يعيش في العراق نحو 40 مليون نسمة، أكثر من 95 % منهم مسلمون، لكن أجواء الصيام تعمّ كل من يقيم على أرض الرافدين. وللأجواء الرمضانية في العراق متعة خاصة عن كل الدول التي قضيت رمضان بها. والأهم أن شهر الصيام يشعرنا أننا أقرب إلى الله تعالى. والعالم الإسلامي بكامله ينشغل ويبتهج ويستعيد مجده وعزّته بهذه الأجواء. وقد تكون هناك عادات وتقاليد مشتركة ومختلفة أيضاً، ولكن جميعها تشترك في أجواء رمضان الروحانية، وتعظيم شعائر الله تعالى. 
الآن، وقد بلغت 60 عاماً، أتذكر منها 56 رمضاناً. فقد بدأت الصوم منذ الصغر، ولم أكن أتجاوز سبع سنوات. وعادة، فالأجواء الرمضانية في بيتنا روحانية خالصة؛ لأن والدي رحمه الله تعالى كان عالماً جليلاً، ويجتمع الناس من حوله أينما حلّ وارتحل، وقد وفّقه الله لبناء مساجد كان يؤم المصلين فيها لوجه الله، وكان صاحب مجلس وديوان، ويحثّنا على تقديم وجبة الإفطار في مسجده كل يوم خلال رمضان، ودعوة الصائمين إلى الموائد الخيرية على مدار العام. وبعد التراويح، كان والدي رحمه الله يقدم في مجلسه دروس الوعظ، وقصصاً من القرآن والسيرة النبوية الشريفة، فكانت تلك الأجواء متعة ليس بعدها متعة. 
لقد قضيت مواسم رمضانية عديدة في العراق بين مدن كركوك، والسليمانية، وبغداد، وبقية محافظات العراق. ولما بلغت الخامسة والثلاثين من عمري، أصبحت أصوم رمضان خارج العراق في أغلب الأوقات بين دول أوروبا وتركيا وهولندا وألمانيا. ومنذ عام 2004، أصبحت سفيراً لبلادي في العديد من الدول، وقضيت رمضان بين بغداد، ولبنان، ورومانيا، وإيطاليا، قبل أن ألتحق بمنصبي في الدوحة العام الماضي.

ما أهمية الشهر الفضيل في تصحيح التصوّر الخاطئ للمسلمين الذي يربط الإسلام بالإرهاب؟ 
¶ شهر الصيام له فضل كبير في تصحيح الصورة السيئة التي رسمها المتشددون وجهلة القوم والمغرضون عن ديننا الحنيف، ممّا سبّب أحياناً التباساً لدى الناس بين مفهوم الإسلام والإرهاب. فخلال تواجدي بدول أوروبية، لمست عن قرب كيف غيّرت الأجواء الرمضانية العديد من الأحكام الخاطئة، وصحّحت الصورة النمطية والأحكام الجاهزة والخاطئة. فمظاهر الصوم والموائد الرمضانية الجماعية التي تجمع الناس، والخصال الحميدة التي تميّز هذا الشهر تحديداً، مثل الكرم، تجلب التعاطف، وتغيّر الصورة، وتقرّب المسافات. وأذكر أنني عندما كنت سفيراً لجمهورية العراق لدى الفاتيكان، قاموا بتقديم مائدة رمضانية وإفطار رمضاني إكراماً للمسلمين. كما أن أغلب دول العالم يدعون السفراء لإفطار رمضاني، إكراماً للسفراء المسلمين، وهو في الأساس إكرام للأمة الإسلامية، ومؤشر آخر للتفهم والتعامل الإيجابي مع المسلمين.

https://m.alarab.qa/story/1503006