كلمة السفير عمر البرزنجي سفير جمهورية العراق في الدوحة ( ندوة التسامح الديني ركيزة للتعايش السلمي )

بسم الله الرحمن الرحيم
‎الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على رسول الله و على جميع الانبياء و المرسلين و آلهم و أصحابهم أجمعين

رئيس مجلس الإدارة
سعادة: الاستاذ الدكتور ابراهيم بن صالح النعيمي المحترم
جميع السادة القائمين على الندوة المحترمين
أصحاب السعادة و المقامات جميعاً
الأخوة و الأخوات
‎السلام عليكم ورحمة الله و بركاته
‎يسرني و يشرفني أن أكون أحد المشاركين و المتحدثين في هذه الندوة المباركة و التي تعالج إحدى القضايا المهمة في مجتمعاتنا و اخوض في هذا الموضوع الحيوي و المهم بنقطتين
‎أولا: مبادئ عامة في التسامح
‎ثانيا: حالة تطبيق التسامح في العراق
‎و نبدأ بالنقطة الأولى و هي مبادئ عامة في التسامح : نحن بأمس الحاجة إلى نشر مفاهيم التسامح و التعايش التي يؤكد عليها ديننا الحنيف و جميع الديانات السماوية، و لعل ذلك يبعث لنا روح التعامل السليم في مجتمعاتنا و يقطع الطريق على كل من يريد أن يحرف الحقائق و يدعو إلى التناحر و الصراعات باسم الدين .
‎و الاسلام الذي هو تكملة و خاتمة للديانات السماوية جاء لتنظيم حياتنا في هذه الدنيا من كل النواحي و إذا التزمنا بذلك ستتنظم أخرتنا أيضاً و الإسلام و الأديان السماوية منبع كل الفضائل و الخلق الحميدة و مدرسة للصدق و الوفاء و العفاف و الأمانة و النزاهة و العدل و الإحسان، و هناك خارطة طريق واضحة للتعامل وفق الضوابط الصحيحة مع الجميع بالعدل كما في الآية الكريمة: (وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَىٰ أَلَّا تَعْدِلُوا ۚ اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ) و نلاحظ أن العدالة مطلوبة مع الخصوم ايضاً فكيف أذاً بين الأقران و الاتباع.
‎و حينما ننظر كمسلمين إلى الانسانية نجد عدة دوائر منها:
‎- دائرة تعامل المسلم مع المسلم والقرآن الكريم يقول (إنما المؤمنون إخوة )
‎- دائرة التعامل مع أهل الكتاب و القرآن الكريم يقول (ولَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ ۖ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنزِلَ إِلَيْنَا وَأُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَٰهُنَا وَإِلَٰهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ)


‎و في آية أخرى (وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَّهُمْ ۖ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ) و رسم العلاقة مع أهل الكتاب بهذه الصورة في الطعام و الموائد بمعنى التعايش السلمي إلى حدها الأخير مع عدم قبول الجدال إلا بالتي هي أحسن أي بأحسن صورة في الآية السابقة.
‎و لا ننسى أن الزواج ينتج النسل و الأولاد من أب و أم من ديانتين مختلفتين إذا فالقرآن الكريم يجيز الزواج و المصاهرة و النسل و أية علاقة أعظم من ذلك
‎ومنها الدائرة الانسانية بعمومها مع جميع البشر على اختلاف اديانهم و ألوانهم و استشهد بآيتيين كريمتيين أولاهما قوله تعالى (لَّا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ( فإذاً لم يطلب من المسلم أن يسيئ إلى غير المسلمين بل أوصى القرآن الكريم بالبر و القسط.
‎و الآية الثانية (وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّىٰ يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ) ثم و لابد أن نذكر في السيرة النبوية تعامل الرسول محمد ﷺ مع غير المسلمين كمواطنين مسالمين و هذه قصة مسيحي نجران حينما دخلوا المسجد النبوي الشريف و مارسوا طقوسهم بكل حرية و رسول الله ﷺ ينظر إليهم و المعاهدة التي كتبت تحت أسم أمة المدينة للعلاقة بين المسلمين و اليهود و الأمثلة كثيرة.
‎و من هنا لابد أن نسعى بكل ما نستطيع لايصال أفكار السلام و التعايش السلمي المشترك إلى مجتمعاتنا دون أي تردد و صناعة الرأي العام بذلك و قطع الطريق أمام دعاة التشدد و التطرف و الارهاب بإسم الدين لأن هذا يتنافى مع روح الأديان السماوية و نستشهد بآية قرآنية و نص إنجيلي لنرى كيف أنهما من مشكاة واحدة و يدعون إلى الفضائل و إلى نفس الافكار و معاني التسامح و السلام.
‎ففي القرأن الكريم: (وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ۚ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ ( إذاً الإحسان لمن أساء إليك فضيلة بنظر الإسلام، و المسيحيون يقولون في قداسهم كل يوم أحد في جميع كنائسهم كلمة عظيمة تعطي نفس المفهوم و هي كلمة (أحبوا أعدائكم )
‎و من هنا نحتاج إلى زرع هذه المعاني بيننا و هذا يصنع التسامح و التعايش السلمي بأرقى صورها.

‎و نحتاج أن نقدم لمجتمعاتنا كل ماهو نافع من العلوم و التقدم و الخدمات و نحافظ على جميع الحقوق على أساس المواطنة و العيش المشترك و نثبت بأن هذه هي حقيقة أدياننا.


‎و تعمدت في كلمتي أن أقدم خارطة طريق للتعامل بين المسلم و المسلم و المسلم الكتابي و المسلم وعموم الناس على التسامح لكي أمهد بالتدرج و أبين أن ديناً يدعو إلى السلام و التعايش لابد أن ننتج روحية التسامح و التي مدعاة للتخلص من الكراهية و البغضاء و الأحقاد و الإنتقام و يجعل من العفو و المسامحة عنوانا إنسانياً بارزاً و هذه تعود على الافراد و المجتمعات بفوائد كثيرة، و تكون مبعثا للسلام والأمن و الأمان و التعاون على الخير و التنافس في تقديم أفضل الافكار و الخدمات و الشواهد و الآيات الكريمة واضحة في كل هذه المعاني و قوله تعالى (وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا ۗ أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ ۗ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (
‎و بما ان التسامح فيه تنازل عن الحقوق فيعتبر من أفضل الصفات و الإيثار و أعظم الأمثلة ما تعرض له نبي الاسلام ﷺ من الإساءات و الضرب و الأذى و هو يدعو لهم و ليس عليهم و يقول: ( اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون)

‎و التسامح و سيلة لتقوية الروابط الاجتماعية و نبذ الخلافات و طريق الالفة و المودة.
‎و التسامح الديني يساعد على العيش المشترك بين الديانات و التعامل بالمشتركات ومن متطلبات مفاهيم حقوق الانسان التسامح العرقي الذي يرفع التمييز العنصري بسبب اللون او العرق او غيره والتسامح الفكري و الثقافي معالجة للتعصب و مبعث للحوار البناء و التعايش السلمي و التسامح السياسي ضمان الحريات و تقبل الاخر و الممارسة الديمقراطية.
‎و الرسول ( محمد ﷺ) يصنف التسامح بالأفضل حينما يقول ( أفضل أخلاق اهل الدنيا و الآخرة ان تصل من قطعك و تعطي من حرمك و تعفو عمن ظلمك ) مصداقاً للآية الكريمة ( وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) و الآية ذكرت الناس بمعنى كل الناس و ليس محصوراً بين المسلمين فقط، و لذا يعد التسامح أحد المبادئ الإنسانية و الأخلاقية.

‎وفي حديث تأريخي بالغ الأهمية في فتح مكة وبعد أن أوذي المسلمون وهجروا و ظلموا و حينما عادو إلى مكة المكرمة فاتحين و عائدين إلى موطنهم و مقتدرين فقال النبي ﷺ كلمته المشهورة ( ماذا تظنون إني فاعل بكم؟ قالو أخ كريم و ابن أخ كريم فقال: اذهبوا فأنتم الطلقاء) وهذا غاية التسامح حيث أن الكثيرين كانوا لا يزالون على دينهم و هم مشركون ففتح لهم ابواب الأمان بالتسامح رغم فترة طويلة من الأذى على أيديهم بل أعطى لألد أعداء المسلمين في ذلك الوقت (أبو سفيان ) مكانة حيث قال (من دخل البيت الحرام فهو آمن ومن دخل دار أبي سفيان فهو آمن و من دخل داره فهو آمن) و إذا قلنا هذا تسامح فهو قليل بل هذا قمة التسامح و أكبر تحدي لأعلى درجات التسامح.


‎و لذا لابد أن أختم النقطة الأولى بأنه ليس من صالح الاسلام و المسلمين و الإنسانية أن نكتم هذه المعاني و نتجاهلها و نبدوا كأننا متطرفون و ارهابيون و قتلة و مجرمون و متعصبون يملؤنا الغضب و الكراهية و الله سبحانه و تعالى يقول لنبينا محمد ﷺ (و ما أرسلناك إلا رحمة للعالمين ) و التسامح أحد أبرز ملامح ومعالم الرحمة وكلمتان عظيمتان أشيد بهما واستدل بهما الأولى للإمام علي بن أبي طالب عليه السلام حين يبعث مالك بن اشتر رضي الله عنه الى مصر ويوصيه بالناس قائلا (الناس صنفان إما أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق ) والكلمة الثانية للخليفة الراشد الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه في قولته المشهورة قائلا (متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم امهاتهم أحرارا)


‎أما النقطة الثانية
‎ثقافة التسامح في العراق
‎لاشك أن العراق بلد مترامي الأطراف ومتعدد الأديان والمذاهب والقوميات وهو بلد التاريخ والحضارات والثقافات ولذا ليس من السهل تقييمه خلال دقائق أو أسطر ولكن مع هذا سنخوض فيه ونسعى أن نعطي صورة عن واقعنا في العراق.
‎إن العراقيين عاشوا على أرضهم ومنذ الآف السنين وتعايشوا مع بعضهم وتأثروا بثقافات بعضهم وحدث بينهم الكثير من الاختلاط والتقارب وحتى التزاوج ويدركون جيدا بأنهم لابد أن يختاروا طريق التعايش السلمي والتسامح ولاننكر أن بعض العوامل قد تكون بسبب ممارسات سياسية سيئة أدت إلى التناحر وعدم قبول الآخر بعيداً عن التسامح كالمعارك التي حدثت بين العرب والكورد في أزمنة سابقة أو استغلال عواطف الناس ليقعوا في فخ الطائفية البغيضة وإننا بينّا في النقطة الأولى أن المطلوب هو رسم علاقة الناس ببعضهم وبدأنا بدائرة علاقة المسلم مع المسلم وهنا نوضح ونقول في حاله عدم تطابق بعض الآراء بين المذاهب لابد من التسامح بل الأية الكريمة ( إنما المؤمنون إخوة ) هي المحك ولابد من أن يتقبل أحدهما نقاط الخلاف ومحاولة إيجاد النقاط المشتركة. ولكننا نقول بتفاؤل أن الشعب العراقي حينما يُترك من قبل المغرضين والحاقدين سيعيشون مع بعضهم بكل إيجابية وتقبل وتسامح وهذا هو الأمل، فعليه لابد أن نقطع الطريق على كل الذين يزرعون الفتن والبغضاء والكراهية ونفوت عليهم الفرصة.
‎والعراقيون يدركون أن هذا التنوع نقطة قوتهم وليست نقطة ضعفهم ولابد من المزيد من نشر ثقافة التسامح والتعايش السلمي والمخلصون لا يقصرون في ذلك .
‎وتأريخياً فان العراق منذ نشأته الاولى سكنه خليط متنوع من الاثنيات والقوميات والاديان والمذاهب، وهذا التنوع يختزن الكثير من المشاكل والتناقضات الدينية والعرقية والمذهبية بين مكونات الشعب في حال لم يتم توظيفه بالشكل الصحيح، لكن صناعة القرار الصحيح يُعد السبيل الافضل لتفادي الصراعات والنزاعات المتوقعة في البلدان كافة التي تمتاز بتعدد المكونات، والعراق خاصة.

‎تقسيمات العراق الدينية والعرقية والقومية:
‎منذ عام 1997 لم يتم اجراء تعداد سكاني شامل في العراق، ولا توجد أي إحصائية رسمية تبين حجم يتألف العراق بشكل كبير من المسلمين (السنة والشيعة)، وبقية الاقليات المتبقية المسيحية والإيزيدية والصابئة وديانات أخرى أقل عددًا.
‎• يتألف العراق من قوميتين رئيسيتين هما العربية والكردية وتشكل الأولى غالبية سكان العراق، كما يتألف من قوميات أخرى أصغر مثل التركمان والآشوريين وغيرهم، ويمكن تقديرهم نسبياً كالآتي:


‎1. العرب يشكلون تقريباً من 75-80%.
‎2. الكُرد يشكلون تقريباً من 15-20%.
‎3. التركمان يشكلون تقريباً 2%.
‎4. المسيحيون العرب وغير العرب (الارثوذكس والكلدان والاشوريون) يشكلون تقريباً 3%.
‎5. الصابئة المندائيون والايزيديون، والشركس، ثم اليهود يشكلون ما يقارب 2%.
‎بالرغم من هذا التنوع الكبير الذي يمتاز به المجتمع العراقي، لم يشهد تاريخ العراق الحديث مخاطر كبيرة تؤثر على نزع التسامح اي نزاع داخلي طائفي او عرقي، بالرغم من السياسات التي اعتمدت سابقاً والتي كانت تعمق الانقسام بين المكونات الاجتماعية العراقية على سبيل المثال قصف المدن الكوردية بالسلاح الكيماوي مما ادى الى استشهاد الاف الابرياء من المواطنين الكورد، وكذلك ماتعرضت له المدن العراقية في الجنوب من قمع وتنكيل ادى الى سقوط الضحايا الابرياء، الا ان هذه السياسات لم تستطيع التاثير على البنية الاجتماعية والفكرية للعراقيين، حيث استطاع الجميع عن طريق التسامح عبور هذه المرحلة والعمل من اجل تأسيس نظام ديمقراطي قائم على تقبل الاخر والتسامح واحترام حقوق الانسان ضمان حقوق الاقليات، كذلك بعد عام 2003، حدثت بعض الحالات وظهرت بعض الاصوات التي كانت تدعو الى تعميق الانقسامات سواء المذهبية او القومية، لكن استطاع العراقيون نتيجة تجذر ثقافة التسامح في موروثاتهم تجاوزها والعبور بالعراق الى بر الامان بعيدا عن التعصب الديني والمذهبي والقومي.

‎كما مر العراق في الفترة القريبة الماضية بمرحلة عصيبة ومظلمة تجسدت بسيطرة تنظيم داعش الارهابي على ما يقارب ثلث الاراضي العراقية عام 2014، حاملاً معه الجهل والتدمير والتعصب والتطرف والارهاب الفكري والجسدي لذا تطلب ذلك اولوية اعادة التأهيل المجتمعي والنفسي، والذي عُد واحداً من أخطر واهم التحديات التي واجهها العراق أسوة بالتحديات الامنية والعسكرية وهذا ما تطلب اشاعة روح المواطنة والتعامل مع الجميع بالمساواة والعدالة، فخطاب داعش الارهابي المتشدد والتفسير الخاطئ للقرأن الكريم يجب ان يواجه من علماء الدين والمؤسسة الدينية والفقهاء، باقامة حوارات فكرية وتبادل الرأي وتوضيح ما التبس من نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية، مما يترتب عليه اعادة بناء المجتمع وفق نسق جديد تحدده عملية التثقيف النفسي والديني والتربوي الجديد، والنظرة الموضوعية تؤكد لنا البعد النفسي والاجتماعي للمجتمع العراقي حاضرة فيه القيم والتقاليد الاسلامية التي تحمل والتآخي وتقبل الآخر.


‎لذلك فان الخطوة الاولى لبناء ثقافة التسامح هي تفعيل دور المجتمع المدني من خلال التربية والتعليم، ابتداء من رياض الاطفال وانتهاء بالجامعات مما يخلق مناخ يسوده التآلف والجماعية، وان يدرك ان له دوراً فاعلاً، مما يعيد ثقة المواطن بنفسه ودوره وقدرته في عملية التغيير الاجتماعي والسياسي.

‎في ضوء ذلك يمكن ان تطرح اهم الوسائل التي تتطلب اتخاذها لتسريع ثقافة التسامح في المجتمع:
‎اولا: التربية والتثقيف ، وهما عاملان مهمان من اجل ترسيخ ثقافة الحوار والتسامح، وتفعيل دور منظمات المجتمع المدني من اهم مقومات التنشئة الصحيحة، إذ ان التغيير والتحول انما يبدأ من داخل النفس الانسانية وفي ضوء ذلك ستتغير العلائق والروابط الاجتماعية.
‎ثانياً: تأهيل ثقافة التسامح في المناهج التعليمية والدراسية و الاعلامية و صناعة الرأي بما ينسجم مع الرؤى التأسيسية التي تنقي وعي المواطن بثقافة التسامح واحترام الآخر، وكذلك اهمية التعاون مع مراكز البحوث العلمية المتخصصة بالدراسات الاجتماعية والنفسية، من اجل طرح افكارها وتصوراتها حول اعادة بناء الذات الانسانية والاجتماعية للمواطن العراقي.
‎ثالثاً: دور المؤسسة الدينية، العالم يحتاج الى فكر استراتيجي جديد لانه يخوض حرباً شرسة جديدة وهي مواجهة فكر متطرف يحاول ان يصتبغ بصبغة دينية.نحن بحاجة الى ترميم فكري جديد تقوم به المؤسسة الدينية على وجه الخصوص، وما قامت به المؤسسة الدينية في العراق كان دوراً ناجحاً تمثل على مستويين المرجعية الدينية في النجف الاشرف، وكذلك هيئة علماء المسلمين في العراق بلإضافة إلى دور المؤسسات الدينية للمسيحيين و الصابئة و الديانات الأخرى، جاء ذلك عن طريق الخطب الدينية التوعوية وكذلك الفتاوى التي ادت الى تلاحم وتماسك الشعب العراقي ومواجهة الارهاب، والتصدي له عسكريا وفكرياً، إذ ان مواجهة الارهاب يجب ان تكون شاملة الى جانب المواجهة الامنية وفق استراتيجية شاملة متكاملة.
‎… و شكراً جزيلاً
‎و السلام عليكم ورحمة الله و بركاته