المخاطر المتباينة التي عاشتها كل من العراق وقطر، دفعت كلتا الدولتين إلى تعزيز التعاون وتقارب وجهات النظر للتغلب على الاضطرابات التي من شأنها قد تزعزع المنطقة بأكملها.

مما لا شك فيه أن العلاقات القطرية العراقية المتبادلة لها أهمية كبرى للمنطقة بأكملها، كون زعزعة أمن أحد بلدان الخليج، خاصة قطر، أو العراق قد يترك أثارًا سلبية على أمن واستقرار المنطقة، خاصة وأن بلدان مجلس التعاون الخليجي باتت أمم تحديات قوية قد تؤثر مستقبلًا على أستقرارها، وعلى الرغم من الغزو الأمريكي للعراق والأحداث السياسية الصعبة التي عاشتها العراق في ذلك الوقت، إلا أن العديد من التحديات والأزمات الحادة برزت على المستوى الإقليمي، ولكن في عام 2014، شهدت العراق تطورًا ملحوظًا في العلاقات الإقليمية بين كل من قطر والعراق.

السبب الكامن وراء تقارب قطر والعراق

بعد الغزو الأمريكي للعراق عام 2003، تراجعت العراق كقوة إقليمية في المنطقة، وذلك بعدما أدى الغزو الأمريكي إلى محو جميع مؤسسات الدولة وخلق حالة من الفوضى الداخلية سياسًيا وأمنيًا.

كان هناك اعتقادًا سائدًا بأن بناء العلاقات الإقليمية وتقارب وجهات النظر بين دول الخليج العربي وبين العراق قد يساهم في تعزيز القوة الإقليمية بين البلدين، إضافة إلى تكثيف الزيارات المتبادلة للمسؤولين من كلتا الدول، وفي عام 2014 ظهرت العديد من المؤشرات لتعزيز رؤية مشترك لدول الخليج العرب لإحداث حالة من التوازن في العلاقات بين العراق ودول مجلس التعاون الخليجي، وبين العراق وإيران، ويأتي ذلك بهدف القبول بالوضع الراهن الجديد في العراق والبحث عن فرص للتعاون الإقليمي بين البلاد.

ومن أبرز أسباب التقارب بين كل من قطر والعراق، ما يلي:

1. الوقوف في وجه تنظيم الدولة من خلال التعاون العسكري والأمن.
2. تعزيز المواقف مع الجارة إيران، وتنمية العلاقات السياسية والاجتماعية والدينية والثقافية بين البلدين.
3. تمسك إيران وقطر والعراق بالحلول السلمية واستمرار المفاوضات لغلق ملف النووي الإيراني، ويأتي ذلك في ضوء امتلاك قطر والعراق علاقات قوية مع أمريكا.
4. موقف العراق غير المتمايز بأزمة الخليج ورفضها للحصار المفروض على شريكتها الإستراتيجية قطر.
5. الموقف الموحد للبلدين ضد الحرب في اليمن.  

مقومات التعاون القطرية-العراقية

لقد تجلت في السنوات الأخيرة العديد من المقومات بين البلدين، منها المجالات السياسية والرياضية والتعليمية والاستثمارية والاقتصادية وغيرها الكثير.

المجال الرياضي

عملت قطر جاهدة على إحياء الأنشطة الرياضية بعد تكثيف الزيارات المتبادلة بين الدولتين، ويأتي ذلك في ضوء استضافة قطر لمونديال كأس العالم 2022، فمنذ عام 2017 مدت قطر يد العون للعراق في كافة مجالات الحياة التي تجلت في المشاريع الرياضية، وتحسين سبل الوصول للمنتخب العراقي لخوض مبارياته والمشاركة في البطولات الإقليمية والمسابقات الدولية، وعملت قطر على تذليل كافة الصعوبات التي من شأنها أن تقف حاجزًا أمام حركة المنتخب العراقي، إضافة إلى تسهيل طرق السفر للعراقيين للسفر لجميع أنحاء العالم، خاصة قطر وبلدان الخليج العربي وتوطيد العلاقات وتبادل الثقافات بين البلدين، ومن المقرر أن ينطلق مونديال قطر بعد قرابة الـ 100 يوم في العاصمة الدوحة، ويأتي ذلك بعد إعلان قطر استعدادها الكامل لاستضافة المونديال وتذليل كافة العقبات أمام المشجعين من الدول المجاورة لحضور أبرز مواجهات المجموعات مونديال قطر 2022

المجال العلمي والاقتصادي

 صرح وزير خارجية دولة قطر بأن بلاده قدمت العديد من المشاريع الإنسانية في المجالات الاقتصادية والعلمية والإنسانية لصالح دولة العراق الشقيقة، وأشار إلى استمرارية الدعم الحكومي وغير الحكومي وتقديم جميع أشكال المساعدات المتمثلة بالمشاريع التنموية والإغاثية في كل من النقليات والصحة والتكنولوجيا، فضلًا عن عقد مؤتمر للتعاون الاقتصادي والفني والتجاري بين البلدين والعمل على توسيع الخطط وتكثيف سبل التعاون بين البلدين لتعزيز الاقتصادي الاستثماري والتجاري والاقتصادي في معظم مجالات الحياة، ناهيك عن افتتاح مكتب للملاحة القطرية في العراق لتسهيل حركة التجارة بين البلدين وتعزيز حركة الطيران بين البلدين لتشمل معظم دول العراق، كالبصرة والسليمانية وبغداد والنجف وأربيل وغيرها.

المجال السياسي

شهدت العلاقة القطرية العراقية نقلة نوعية منذ عام 2018 بعد زيارة رئيس دولة قطر للعراق وتوقيع مذكرة تفاهم بين البلدين، إضافة إلى تكثيف الزيارات المتبادلة بين الطرفين لتفعيل جميع أنواع سبل التعاون الاقتصادي والتجاري.

كما وأكد وزير خارجية العراق أن التعاون ما بين قطر والعراق شكل نقطة تحول في المجال السياسي والاقتصادي بين البلدين يتمثل في إعادة الاستثمار والإعمار وتعزيز طرق النقل التجاري بين تركيا وقطر والعراق، ناهيك عن بناء علاقات مشتركة لتعزيز العلاقات العربية بين دول الجوار وتوسيع أفق التعاون بين البلدين بما يخدم مصالحهم والحد من التدخل في الشؤون الداخلية.

التحديات القطرية العراقية

هناك العديد من التحديات التي قد تقف عائقًا أمام العلاقات القطرية العراقية، وهي تتمثل بالوضع الحالي في سوريا، فالعراق ترى أن الحل الأمثل يجب أن يكون على طاولة المفاوضات بين أطراف النزاع وإيقاف التدخلات الخارجية لاستغلال الوضع الراهن في سوريا، أما بالنسبة لقطر، فهي تقف موقف المؤيد للمعارضة المطالبة بتغيير النظام وتعزيز الحياة الديمقراطية في جميع أنحاء سوريا.  

أما التحدي الأكثر بروزًا في الآونة الأخيرة يتمثل بمدى التوافق بين كل من العراق وقطر في الأزمات الإقليمية التي تعيشها دول الجوار، سواء كان ذلك في مصر أو ليبيا أو اليمن أو سوريا أو فلسطين، وتعمل كلتا الدولتين على الوصول لحلول سلمية دون أن تتأثر العلاقة فيما بينهم والعمل على استمرار حالة التوافق الدبلوماسية بين الطرفين وتعزيز مبدأ التفاهم السياسي والاقتصادي والأمني.