سعادة السفيرة صفية طالب السهيل تجري حوار مع موقع “الخليج أونلاين” حول العلاقات العراقية السعودية.
اجرت سفيرة جمهورية العراق لدى المملكة العربية السعودية حواراً مع جريدة الخليج اونلاين بشأن تعزيز التعاون وتوسيع الشراكة بين البلدين الشقيقين في ضوء الفرص المتاحة والتحديات التي تمر بها المنطقة.
وفي ادناه نص الحوار الذي نشره الموقع بتاريخ ٢٨/٢/٢٠٢٤.
تطورات مهمّة تشهدها علاقات العراق والمملكة العربية السعودية في الآونة الأخيرة، حيث يتزايد التركيز على تعزيز التعاون وتوسيع الشراكة بين البلدين.
وبهدف مناقشة الأبعاد الراهنة والمستقبلية لهذه العلاقات المتنامية، أجرى موقع “الخليج أونلاين” هذا الحوار مع سفيرة العراق لدى المملكة السيدة صفية طالب السهيل، للوقوف على أبرز الفرص المتاحة والتحديات التي تمر بها المنطقة، وكيف يمكن للعراق والسعودية تعزيز التعاون لمواجهتها.
وأعربت السهيل عن بالغ تقديرها للعلاقات المتنامية والبنّاءة بين العراق ومجلس التعاون الخليجي، باعتبارها محوراً هاماً لتعزيز الاستقرار والازدهار في المنطقة.
وكشفت السفيرة عن تزايد التعاون بين الرياض وبغداد في مجالات الأمن والاقتصاد، والطاقة، والتبادل الثقافي والتعليمي وغيرها.
العلاقات الثنائية
•كيف تقيّمين العلاقات الحالية بين العراق والسعودية، وما مؤشرات تحسنها؟
تشهد العلاقات بين العراق والمملكة مرحلة متقدمة من التعاون الثنائي والتقارب الاستراتيجي، تجسدت في مجالات متنوعة.
هذا التطور يعكس إرادة مشتركة لتعزيز العلاقات الثنائية، ويسهم في تحقيق التفاهم والازدهار لكلا البلدين والمنطقة بأسرها.
من أبرز مؤشرات تحسن هذه العلاقات التعاون المؤسسي، وتشكيل مجلس تنسيقي مشترك يضم لجاناً فرعية متخصصة في قطاعات مختلفة، ما يعزز الحوار والتعاون المشترك، والنشاط الدبلوماسي، وزيادة اللقاءات والزيارات المتبادلة على أعلى المستويات، بما في ذلك المشاركات البارزة في المعارض الدولية وتوقيع اتفاقيات تجارية.
• ما الجهود التي يبذلها العراق والسعودية لتعزيز وتعميق هذه العلاقات؟
اتّخذ البلدان خطوات متعددة لتعزيز وتعميق العلاقات، خاصة في السنوات الأخيرة، هذه الجهود تتضمن عدة مجالات رئيسية، منها التعاون الاقتصادي، حيث عملتا على تعزيز التبادل التجاري والاستثمار المتبادل، من ذلك إعادة فتح منفذ عرعر الحدودي لتسهيل التجارة بين البلدين، والزيارات السياحية، فضلاً عن رحلات الحج والعمرة، كما اتفقنا على عدة مشاريع مشتركة في مجالات الطاقة، والاستثمار، والتنمية الصناعية.
العراق والسعودية يعملان معاً على تنسيق أمني رفيع، وفي التعاون السياسي عملنا على تنسيق المواقف تجاه القضايا الإقليمية والدولية،وتعزيز الحوار السياسي، واستضافة بغداد لاجتماعات سياسية مهمة.
التعاون في مجال الطاقة أخذ مساحة كبيرة جداً بتفاهمات وتنسيق بين وزارتي الطاقة والنفط العراقية والسعودية، تعملان معاً على مشاريع مشتركة، من ذلك النفط والغاز، والطاقة المتجددة، وتنسيق المواقف التي تهدف إلى تعزيز التعاون الاقتصادي لتحقيق المنفعة المشتركة.
كما وقّع البلدان اتفاقية لربط شبكات الكهرباء، ما يساعد في تلبية الطلب المتزايد على الطاقة في العراق، ويعزز استقرار الشبكة الكهربائية.
إن الجهود المشتركة تظهر التزام البلدين بتعزيز علاقاتهما، وتعميق التعاون، مما يسهم في تحقيق الاستقرار والتنمية في المنطقة.
وتشمل أبرز مجالات التعاون الثنائي الأمن وملاحقة الإرهاب ومكافحة المخدرات، وتطوير البنية التحتية، والقطاع الصحي، والتبادل الثقافي والتعليمي.
المشاريع المشتركة
• ما أهم المشاريع المشتركة الأخرى بين البلدين؟
هناك خطوات لتعزيز العلاقات الثقافية والرياضية، إضافة إلى مشاريع بنية تحتية متنوعة تشمل مشاريع المستشفيات والمجمعات السكنية وغيرها.
هذه المشاريع حتماً تؤسس لتقوية العلاقات الثنائية ودعم التنمية الاقتصادية والاجتماعية في كلا البلدين، وتبني الجسور ما بين القطاعات المختلفة العامة والخاصة، ومنها القطاع الخاص العراقي والسعودي، والاتحادات والغرف التجارية.
إن تبادل الزيارات بين القطاعات التجارية والاستثمارية في العراق والمملكة يُعد دليلاً قوياً على الرغبة المتزايدة في تعميق العلاقات الاقتصادية والاستثمارية بين البلدين.
لقد لاحظنا في الآونة الأخيرة طلبات متزايدة من شركات سعودية تعبر عن اهتمامها بزيارة العراق للاطلاع على الفرص الاستثمارية المتاحة، مايعكس إدراكها للإمكانات الكبيرة التي يمكن استغلالها لتحقيق منافع متبادلة.
بالمثل، هناك اهتمام من الشركات ورجال الأعمال العراقيين بالتعرف على السوق السعودي، وإقامة شراكات مع نظرائهم السعوديين.
هذه الزيارات المتبادلة تسهم في بناء جسور الثقة وتعزيز التفاهم بين الطرفين، وتساعد في تبادل الخبرات وأفضل الممارسات التي يمكن أن تعود بالنفع على الاقتصادين.
نشجع بشكل فعال تبادل الزيارات كجزء من استراتيجية أوسع لتعزيز التعاون الاقتصادي والاستثماري، ونتطلع إلى استمرار هذا النمط من التفاعل الإيجابي الذي لا شك في أنه سيسهم في تعزيز الروابط الثنائية ودعم النمو والتنمية المستدامة لكلا البلدين.
• كيف يسهم هذا التعاون في تحسين الوضع الاقتصادي للبلدين؟
تعاون البلدين في مجالات النفط والطاقة والكهرباء يمثل محوراً رئيسياً للعلاقات الثنائية، ويعمل على تعميق الروابط الاقتصادية، وتعزيز الاستقرار في قطاع الطاقة العالمي.
كلا البلدين عضو مؤثر في منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك)، وتعاونهما المقدر حقق استقرار الأسعار والإمدادات في السوق العالمية،كما أن التنسيق بينهما أسهم في صياغة سياسات إنتاج متوازنة تحمي مصالح الدول المنتجة، وتساعد في تحقيق استقرار الأسواق النفطية.
في مجال الطاقة المتجددة، ومشروع الربط الكهربائي بين البلدين، هناك خطوة استراتيجية نحو تحقيق الأمن الطاقي للعراق، ويساعد في مواجهة التحديات المتعلقة بنقص الكهرباء، خاصة خلال أشهر الصيف.
نأمل أن نرى شراكات عراقية سعودية في مجال الطاقة المتجددة لتنويع مصادر الطاقة، وتقليل الاعتماد على النفط والغاز، وذلك بالاستفادة من التجربة السعودية، وبما يدعم جهود العراق في التحول نحو الطاقة النظيفة والمستدامة.
التعاون في هذه المجالات لا يعزز العلاقات الثنائية بين العراق والسعودية فقط، بل يسهم أيضاً في تعزيز الاستقرار الاقتصادي والأمن الطاقي على المستوى الإقليمي والعالمي، ومن شأنه أن يكون نموذجاً للتعاون الإقليمي في قطاع الطاقة، مما يمكن أن يحفز مزيداً من المبادرات المشتركة بين دول المنطقة.
• هل هناك تفاصيل حول المشاريع المشتركة بعد تخصيص السعودية مليارات الدولارات للاستثمار في العراق؟
المشاريع الاقتصادية والاستثمارات المشتركة التي يتم التباحث حولها تتابع بشكل حثيث من المجلس التنسيقي العراقي السعودي ومن خلال لجانه، فضلاً عن هيئات وصناديق الاستثمار لكلا البلدين ومجلس الأعمال العراقي السعودي الذي هو أحد تشكيلات المجلس التنسيقي المتفق عليها ما بين الجهات صاحبة القرار والاختصاص.
ما أعلنته المملكة من دعم لمشاريع عبر صندوق الاستثمارات السعودية، وما تم الاتفاق عليه لعمل تنموي مشترك، يغطي مجموعة واسعة من القطاعات؛ منها الطاقة، وأبرز مجالاتها الاستثمار في قطاع النفط والغاز والطاقة المتجددة، والتعاون في مشاريع البنية التحتية للطاقة،واستغلال الموارد الطبيعية بشكل مستدام، ومشاريع مشتركة للبنى التحتية لتحسين الخدمات الأساسية.
كما تم الحديث عن مشاريع الاستثمار في القطاع الزراعي لتعزيز الأمن الغذائي، وتطوير الزراعة المستدامة، واستخدام تقنيات الري المتطورة، وتطوير الإنتاج الزراعي.
في القطاع الصحي هناك مشاورات تعاون لبناء مستشفيات ومراكز صحية متطورة وغيرها.
•ما مستقبل التعاون الاقتصادي والتجاري بين البلدين؟
المستقبل يبدو واعداً ومبشراً بفرص استثمارية متنوعة وشراكات استراتيجية عميقة، إن الأسس القوية الموضوعة من خلال الزيارات المتبادلة، الاجتماعات الثنائية، وتوقيع الاتفاقيات يشير إلى التزام كلا البلدين بتعزيز العلاقات الاقتصادية.
يُتوقع أن يركز التعاون المستقبلي على قطاعات حيوية مثل الطاقة، والبنية التحتية، والتكنولوجيا، والابتكار، والطاقة المتجددة، إضافة إلىتعزيز التبادل التجاري والاستثمارات المشتركة.
مهام السفارة
• ما الدور الرئيسي الذي تقوم به سفارة العراق في المملكة؟
دور السفارة يشمل تمثيل العراق وحماية مصالحه في الدولة المضيفة، وتعزيز العلاقات الدبلوماسية والسياسية، ودعم التعاون الاقتصادي والتجاري، والعمل على توسيع الروابط الثقافية والتعليمية.
تعمل أيضاً على توفير الدعم لمواطني البلاد المقيمين أو الزائرين إلى الدولة المضيفة، كما يعمل السفير على تعميق التفاهم المشترك وتطوير الشراكات الاستراتيجية، ويسعى للمساهمة في تعزيز أواصر العلاقات الشعبية وبناء جسور العلاقات بين الشعوب ثقافياً وإنسانياً واجتماعياً.
ولتعزيز التواصل والتفاهم بين الحكومتين والشعبين في العراق والسعودية، تعمل السفارة في الرياض بنشاط على التنسيق والتعاون معوزارة الخارجية السعودية بإداراتها المختلفة، ومن خلال الخارجية ودوائرها المتخصصة مع كافة الوزارات والمؤسسات والهيئات السعودية،ومن أولويات العمل المتابعة والتنسيق لتوصيات ومخرجات اجتماعات المجلس التنسيقي العراقي السعودي ولجانه.
• ما حجم التعاون والتسهيلات التي تتلقاها السفارة العراقية لدى المملكة؟
أود تأكيد أن السفارة العراقية في الرياض تحظى بترحيب وتعاون غير مسبوق، وتتوسع بعلاقاتها وعملها لتعزيز التعاون والصداقة بين البلدين والشعبين الشقيقين بدعم من وزارة الخارجية ومن الجهات المكلفة بمتابعة الملف للمجلس التنسيقي.
نشعر وكادر السفارة بمحبة المجتمع السعودي للشعب العراقي، ورغبته الواضحة بتعزيز أواصر العلاقات، مما يعكس الرغبة المشتركة في تعميق علاقات التعاون وبناء جسور صداقة قوية، وفعالة، ومستدامة.
هذا التعاون المثمر يسهل علينا تحقيق أهدافنا المشتركة، ويؤكد الأساس المتين الذي تقوم عليه العلاقات بين العراق والسعودية، مما يمهد الطريق نحو ومستقبل مشرق للعلاقات الثنائية بين البلدين.
تنسيق سياسي واقتصادي
•ما حجم الاتصالات بين البلدين حول ما يحدث في غزة. وكيف تصفون ما يجري هناك؟
التعاون السياسي والتنسيق واضح من خلال الاتصالات التي يجريها مسؤولو البلدين، التي تعمل على تنسيق المواقف تجاه القضايا الإقليمية والدولية، وفيما يتعلق بالأحداث القائمة في غزة.
بالإمكان الإشارة هنا إلى آخر لقاء بين نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية فؤاد حسين، ووزير الخارجية الأمير فيصل بن فرحان آلسعود، على هامش مؤتمر ميونيخ للأمن 2024، في دورته (الـ60)، الذي تم خلاله بحث عدد من الملفات المشتركة بين البلدين الشقيقين،واستعراض العلاقات العراقية-السعودية، التي تشهد تطوراً واضحاً خلال السنوات الأخيرة.
وشهد اللقاء مناقشة مستجدات القضايا على الساحتين الإقليمية والدولية، والوضع الأمني في المنطقة، والحرب على غزة وتداعياتها الإقليمية والجهود المبذولة بشأنها، وكذلك معاناة الشعب الفلسطيني، التي تحتم على جميع الأطراف الحوار والتوصل إلى وقف فوري لإطلاق النار.
المنطقة الاقتصادية الحرة على الحدود بين البلدين.. هل بدأ العمل بإنجازها؟
يدرك الجميع أهمية المناطق الاقتصادية الحرة، فهي مناطق معفاة من الرسوم الجمركية وقيود الاستيراد، توفر بيئة للاستثمارات العالمية وترويج الصادرات ونقل التكنولوجيا، وتوفر فرص عمل، وغير ذلك، من ذلك المرور العابر، وتجارة الترانزيت، والشحن والتخزين والتوزيع،وهي أداة فعالة للنهوض بخدمات التجارة والنمو الاقتصادي وتنشيط الموانئ والمطارات والمنافذ الحدودية.
وبالتأكيد فإن العراق والسعودية يسعيان إلى تعزيز التبادل التجاري والعمل على الاستثمار المتبادل لتحقيق المنفعة المشتركة، وبما يعود بالنفع على اقتصادي البلدين ويسهم في تحقيق الاستقرار والتنمية في المنطقة، ومشروع المنطقة الاقتصادية الحرة بين البلدين قيد الدراسة من قبل الجهات المعنية في البلدين.
وتجدر الإشارة إلى أنه توجد حالياً ثلاث مناطق حرة عاملة في العراق، إضافة إلى منطقة حرة متخصصة تحت الإنشاء ومنطقة حرة خاصة.
• هل من اتفاقيات عسكرية بين البلدين؟ وما أبرزها؟
العراق والمملكة يعملان معاً وعلى أعلى المستويات في مجال التنسيق الأمني وتبادل المعلومات الاستخبارية، والتعاون في مجال مكافحةالإرهاب والمخدرات، وتم بالفعل توقيع عدد من مذكرات التفاهم في المجالات الأمنية والعسكرية، وأخرى تنتظر التوقيع بعد استكمالالإجراءات الفنية والإدارية والقانونية من الجهات المختصة في البلدين.
• هل يمكن القول إن هناك بوادر وتفكيراً بانضمام العراق لمجلس التعاون الخليجي؟
نقدّر عالياً العلاقات المتنامية والبنّاءة بين العراق ومجلس التعاون، ونعتبرها محوراً هاماً لتعزيز الاستقرار والازدهار في المنطقة.
إن الزيارة الأخيرة للسيد الأمين العام لمجلس التعاون جاسم البديوي إلى بغداد شكلت خطوة مهمة نحو تعميق هذا التعاون، حيث تمت مناقشة مشاريع مستقبلية ذات أهمية استراتيجية لكل من العراق ودول المجلس.
نود تأكيد اهتمامنا البالغ بالعمل جنباً إلى جنب مع مجلس التعاون وأمانته ولجانه الدائمة؛ لاستكشاف كافة الفرص المتاحة لتعزيز التعاون في المجالات كافة، بما في ذلك الاقتصاد، والطاقة، والأمن، والثقافة، وغيرها.