نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجيَّة فؤاد حسين يلقي كلمة العراق في اجتماع مجلس وزراء خارجيَّة منظمة التعاون الإسلاميّ بشأن جريمة التدنيس والحرق المتكررة لنسخ من المصحف الشريف
القى نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية فؤاد حسين، اليوم الإثنين المُوافِق 2023/7/31، كلمة جُمْهُوريَّة العراق، في أعمال الدورة الاستثنائيَّة الثامنة عشر لمجلس وزراء خارجيَّة منظمة التعاون الإسلاميّ بشأن جريمة التدنيس والحرق المتكررة لنسخ من المصحف الشريف في مملكة السويد ومملكة الدنمارك، عبر تقنيَّة الإتصال المرئيّ، والذي دعت إليه المملكة العربيَّة السعوديَّة رئيس القمة الإسلاميَّة الحاليَّة لمنظمة التعاون الإسلاميّ، وجُمْهُوريَّة العراق، جاء نصها
في البداية، أودُّ أن أعربَ لمعاليكم عن بالغ التقدير والإمتنان لتلبيتكم دعوة جُمْهُوريَّة العراق لعقد هذا الاجتماع المهم، في هذا الظرف، وهذا يدل على حرصكم في تعزيز التعاون والحوار لمواجهة التحديات التي تمر بها أُمتنا الإسلامية، وإدراكاً منا جميعا لأهمية هذا الاجتماع في تعزيز الوحدة والتضامن وكذلك الالتزام بالعمل المشترك إزاء القضايا الهامّة التي تواجه أمتنا الاسلامية ومقدساتها.
كما نثمن جهود الأمانة العامة لمنظمة التعاون الاسلاميّ في الدعم والاعداد لإنجاح هذا الاجتماع متطلعين أن يكون فعّالاً في تحقيق أهدافه. ونثني على الجهود التي بذلتها منظمة التعاون الاسلامي في جدة وبعثاتها في نيويورك وجنيف وبروكسل، خلال تحركاتها ونشاطاتها، في سياق الأحداث التي طالت نُسَخاً من المُصحَف الشريف في السويد والدنمارك.
السيد الرئيس
نجتمع اليوم ونحن إزاء تكرار فعلٍ شائن، قام بارتكابه أحد المتطرفين، إذ أحرقَ نسخة من المصحف الشريف أمام مبنى سفارة جُمْهُوريَّة العراق في ستوكهولم, وبحماية القوات الأمنية التي منحته الموافقة على التظاهر أمام السفارة.
ان هذا الفعل الشائن وأمثاله، يُغذِّي ظاهرة الاسلاموفوبيا ويشكّل تهديداً للتعايش بين الأديان والسلم الأهلي، في مجتمعاتٍ عديدة في العالم.
إن اجتماعنا هذا اليوم، يُعَدُ استجابةً مهمة من الدول الأعضاء للتصدي لظاهرة وأفعال وخطابات وجرائم طالت ديننا الإسلامي الحنيف ومقدساتنا، عبرَ حرق نسخ من المصحف الشريف، وتحت عنوان (حرية التعبير وحقِّ التظاهر) وفي ظل قوانين تجاهلت ان هناك قيم ومبادىء لايمكن التجاوز عليها او نكرانها ومنها قدسية الكتب السماوية التي أنزلها الله سبحانه وتعالى على انبيائه لتكون منهاجاً ودستوراً للبشرية لتنظيم حياتهم وتنشر التسامح والسلام.
السيد الرئيس
في الوقت الذي تعرب فيه جُمْهُوريَّة العراق عن ادانتها واستيائها الشديدين لهذا الفعل الشائن، وتؤكد على ان العنصرية وكراهية المسلمين وظاهرة الاسلاموفوبيا وتناميها يمثل انكاراً لمبادىء ومقاصـد الأمم المتحدة وانتهاكا للاعلان العالمي لحقوق الإنسان. كما ان ازدراء الأديان والتحريض على رموزها يمثل تحريضـاً على الكراهية، وهو أحد أشكال التمييز. وتؤدي الآثار السلبية الناجمة عنها إلى نزاعات تعكر صفو التعايش وتُعيد ذاكرة المجتمعات إلى العنف. وفي هذا الاطار فقد رحب العراق بقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة المعنون (( تعزيز الحوار بين الأديان والثقافات والتسامح في مواجهة خطاب الكراهية )) الذي اعتمد بتاريخ 25 تموز 2023. كما نثمن قرار مجلس حقوق الإنسـان الذي أعتمد بتاريخ 12 تموز 2023، بشـان مكافحة الكراهية الدينية التي تشكل تحريضاً على التمييز والعداء والعنف. كما نثمن المواقف الرسمية والإعلامية التي اتخذتها العديد من الدول إزاء هذه الحوادث النكراء . ورغم ماتضمنته الصكوك والقرارات الدولية من حظر التحريض على الكراهية وازدراء الأديان، الا ان هذا الحظر شهد انتهاكات كثيرة ومتنوعة في انحاء متفرقة من أوروبا، مما يستدعي الوقوف، بهدفِ إيجاد الوسائل والتدابير المناسبة لتنفيذها. ومن هنا نطالب المجتمع الدولي أن يتحمل مسـؤلياته والتزاماته الأخلاقية والحضارية بشكل متساوٍ، وفقاً لما نصّت عليه القرارات الدولية من تجريم العنصرية ومعاداة السامية وأتباعها في العالم. ويصـار لتجريم الممارسات التي تؤدي إلى إزدراء رموزها وأتباعها، لذا ندعو أن لاتكونَ تلك القرارات والصكوك الدولية، مرجعيات للتمييز على أساس الدين والعرق والمعتقد.
السيد الرئيس
لا نرى أن حرية التعبير وفق مبادئ حقوق الانسـان تشمل التعدي على المعتقدات والكتب السماوية المقدسة. وعليه يطالب العراق الدول التي تشهد مثل هذه الأفعال الشنيعة , بضرورة احترام مشاعر ومقدسات اكثر من ملياري مسلم حول العالم، وان تتخذ هذه الدول جميع الاجراءات والتدابير الكفيلة بإحترام حقوق المسلمين وهويتهم.
ونطالب المجتمع الدولي بإسـم التضامن الانساني والتزاماً بالقرارات الدولية المذكورة آنفا إلى عدم السماح بارتكاب مثل هذه الجرائم ووضع حدٍّ لتكرارها، ودعوة الدول للعمل على منع الاساءة إلى جميع الاديان والمقدسات وعدم توجيه الاهانة او الانتقاص منها، وبما يتيح للقضاء من ممارسة مهامه السامية في الحفاظ على حياة وحقوق المجتمعات.
السيد الرئيس
يؤكد العراق إلتزامه بحماية البعثات الدبلوماسية والحفاظ عليها وبما ينسجم مع بنود إتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية، وقد اتخذت حكومة بلادي برئاسة السيد محمد شياع السوداني إجراءات مشددة بهذا الشأن، وخاصة بعد رد الفعل الشعبي على سفارة مملكة السويد في بغداد، لتأكيد هذه الرعاية والحماية، ومن جانب آخر فأن العراق ملتزم بنهجه الديمقراطي في ايمانه بإتاحة الفرصة لشعبه بحرية التعبير، وضمن إحترام القوانين الدولية والوطنية وإحترام الاديان والمعتقدات، وبما لا يخرق هذا الإلتزام.
وإذ يبعث العراق بشكل مستمر، رسائل الانفتاح على العالم ويمارس دبلوماسية متصاعدة في تنمية علاقاته مع الدول الصديقة والشقيقة ويبني جسور من التعاون الاقتصادي والسياسي والثقافي، فإنه يدعو إلى استثمار هذه العلاقات المتينة في إيجاد حلول واقعية لهذه المسألة المهمة. وادراكا من العراق لثقل ارتدادات الأفعال الشائنة من الاعتداء على المقدسات والرموز الدينية الإسلامية في المجتمعات التي يتواجدون فيها، فإن العراق يدعو إلى خطوات جادة وعمل مشترك لمعالجتها وعلى مختلف الصعد الثقافية والسياسية والقانونية.
السيد الرئيس
يقدم العراق أمام انظار مجلسكم الموقر المقترحات الاجرائية التي نعتقد انها ستكون مصدرا لاستدامة العمل مع المجتمع الدولي والمنظمات الإقليمية لمواجهة الاخطار التي اشرنا إليها آنفاً والتي تهم السلم والأمن المجتمعيين في العديد من المجتمعات، وكما يأتي:
▪ تشكيل لجنة من وزراء الخارجية في مجلسكم الموقر ويكون السيد الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي عضوا فيها، تتبنى استدامة الحوار مع دول الإتحاد الأوروبي والمنظمات الإقليمية الأخرى للوصول إلى حلول متفق عليها للحد من إتساع وتكرار هذه الأفعال.
▪ تكثيف الجهود والعمل على اصدار قرارات دولية مستقبلا وكلما تطلب الامر ذلك ,تتضمن عدم الاساءة الى الكتب السماوية او ازدراء الاديان والرموز الدينية .
▪ العمل على مكافحة ظاهرة الاسلاموفوبيا، من خلال تأطير ثقافي وخطاب دولي معتدل توثقه القرارات الدولية والصكوك الأممية ذات العلاقة.
▪ ندعو الأمين العام وسفراء الدول الاعضاء في منظمة التعاون الإسلامي في العواصم التي تقع فيها جريمة انتهاك حرمة نسخ من المصحف الشريف والرموز الإسلاميَّة المقدسة الاخرى، لبذل المزيد من الجهود الجماعية على مستوى البرلمانات الوطنية ووسائل الإعلام ومنظمات المجتمع المدني والمؤسسات الحكومية في تلك الدول للتعبير عن موقف أعضاء منظمة التعاون الإسلامي.
▪ ندعو مؤسسات المجتمع المدني الإسلامية في الدول الاعضاء بالعمل مع نظيراتها في الدول التي تقع فيها اعتداءات معادية للإسلام على نسخ من المصحف الشريف وغيره من القيم المقدسة، بتشكيل فريق متطوع من خبراء في القانون الدولي لبلورة توجهات قانونية واللجوء الى المحاكم المحلية قبل رفع الدعاوى إلى الهيئات القضائية الدولية.
وفي الختام، نطالب الأمم المتحدة بإجهزتها الرسمية والوكالات المتخصصة والأمين العام للأمم المتحدة بممارسة مسؤلياتهم وإيلاء الأهمية لهذا الأمر، الذي تُعَد تجلّياته وظواهره، إنكاراً صريحاً وواضحاً لمبادئ ومقاصد الأمم المتحدة والإعلان العالمي لحقوق الإنسان، لذا يلزم إتخاذ التدابير الكفيلة بمنع هذه الحوادث.كما نطالب الإتحاد الأوروبي بإتخاذ مواقف أكثر حزماً تجاه تلك الأحداث لضمان عدم تكرارها، ومساءلة ومحاكمة القائمين والمحرضين عليها، لتجنُّب عواقبها، التي تضع جميع الأطراف أمام إلتزامات حرجة.