النص الكامل لكلمة نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية فؤاد حسين في مؤتمر السفراء السابع 

بسم الله الرحمن الرحيم

فخامةُ رئيس جمهورية العراق الدكتور عبداللطيف جمال رشيد المحترم.

دولةُ رئيس مجلس الوزراء السيد محمد شياع السوداني المحترم.

سيادةُ رئيس مجلس القضاء الأعلى السيد فائق زيدان المحترم.

الأخ العزيز نائب رئيس مجلس النواب السيد محسن المندلاوي المحترم.

أعزائي السفراء ورؤساء بعثات جمهورية العراق المحترمون.

السيداتُ والسادة الحضور مع حفظ الأسماء والالقاب.

السلام عليكم وأهلاً ومرحباً بكم..

  إنه لمن دواعي سرورنا أن نشارككم اليوم، انعقاد مؤتمر السفراء بدورته السابعة، هذه الدورة تنعقد بعد حوالي خمس سنوات من انعقاد الدورة السادسة.

ان مؤتمرنا بنسخته الراهنة يأتي بعد الظروف والتحديات السياسية التي مرّت بها البلاد متزامنةً مع تحديات مالية رافقتها جائحة كورونا.

نجتمع اليوم وهذا لا يعني زوال التحديات التي تواجه بلادنا والمنطقة برّمتها، بل إن هناك مخاطر داخلية وتهديدات تنذر المنطقة بالـــحـرب، لذا فإن مؤتمرنا يضيف قيمةً أخرى للمواقف السياسية الوطنية على الصعيدين الإقليمي والدولي، إذا ما قاربنا المواقف وإعدنا مراجعتها.

نؤكد أن المصلحة العراقية وإبعاد البلاد عن شرارة الحرب، والحفاظ على النظام والمسيرة الديمقراطية، هي من أساسيات عمل الحكومة العراقية، ومن هــذا المنطلق يـؤمـل من مـؤتمـرنا والمشـاركيـن فـيه، التوافر على صياغة رؤيةً إستراتيجية شاملة للمرحلة القادمة في البعدين الإقليمي والدولي، كما إن تسليط الضوء على السياسة الخارجية للحكومة العراقية بالمزيد من المناقشةِ والدراسةِ، بنحو مستوعب للفرص والتحديات التي تواجهها، سيتيح المجال واسعاً لإستثمار الـفرص ومـواجهة التحديات تحقيقاً للمصلحة الـوطنية، والتحصل على المصالح الشاملة التي ذكرتها آنفاً، ينبغي العناية بمجموعةِ قضايا تشكل حجر الأساس الا وهي…

إن الدستور يؤكدُ في بنوده الأساسية، أن العراق يرعى مبدأ حسن الجوار، ويلتزم بعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، ويسعى لحل النزاعات بالوسائل السلمية، ويقيم علاقاته على أساس المصالح المشتركة، ويحترم التزاماته الدولية. وبهذا الحال فإن السياسة الخارجية هي إنعكاس للسياسة الداخلية، وهذه هي سمة من سمات المجتمع المنفتح والسائر في طريق الديمقراطية وتأسيسها.

لذا فإن المواقف والتحالفات والصراعات الداخلية في العراق تؤثر إيجاباً أو سلباً على صياغة السياسة الخارجية، وبرغم التعبير عن مواقف متباينة ومتناقضة أحياناً، ومن منطلقات أيديولوجية أو عقائدية لبعض الأحزاب والحركات، فإن الثابت في السياسة الخارجية للدولة العراقية يتم صياغته في أُطر السلطات التشريعية، والتنفيذية والقضائية، وهي المعنية بالتعبير ومن خلال الحكومة ووزارة الخارجية عن سياسة الدولة ومن موقع الحفاظ على المصلحة العليا للعراق.

إن الثوابت في رسم السياسة الخارجية تستند إلى ماذُكر أعلاه، وهي تترجم ما عليه حقيقة الجغرافيا والتأريخ، ان أية صناعة للسياسة الخارجية إذا لم تأخذ واقع الجيوپولتكس (الجيوسياسي)، بنظر الاعتبار فإنها وبالبديهة تعبر عن فضاءٍ غير واقعي، ومن هذا الأساس فإن الحكومة العراقية وعبر وزارة الخارجية وضعت تعزيز العلاقات مع دول الجوار الإقليمي ضمن أولوياتها فالجغرافيا المشتركة والتأريخ المتفاعل أفرزتا الكثير من المشتركات بالإضافة إلى العديد من ساحات الخلاف، فقوة العراق وعلاقاته الكونية ترتبط بقوة المنطقة أو ضعفها، ومن هنا فإن الحاجة ماسة إلى العمل من أجل الأمن الجماعي في المنطقة، والتكامل الاقتصادي، وتأسيس الكيانات الثقافية والفكرية المشتركة، بالإضافة إلى الابتعاد عن التدخل في الشؤون الداخلية، وحل المشاكل بالطرق السلمية وعبر الحوار.

وفي ضوء ما تقدم فالعراق يبقى جزءً من محيطيه العربي والإسلامي، ولذا كان التحرك الخارجي على ادامة العلاقات القوية مع هذين المحيطين.

وهنا أشير إلى إن الدولة العراقية كانت قد عانت ولمدة طويلة من سياسة الانعزال، وكذلك الحصار والعقوبات الدولية، غير إن عقلية الانعزال لازالت تعشعش لدى البعض، والبعض الآخر يبرر تلك الرؤية بعدم حاجة البلد إلى التفاعل مع هذا الطرف أو ذاك، ورأي آخر يرى في الانفتاح والتفاعل مشروطاً على مستوى الدولة العراقية بمجتمعها مع حفظ الخصوصيات.

بيد إن بغير الانفتاح لايمكن بناء المسيرة الديمقراطية السليمة كما لا يمكن بناء الاقتصاد الذي يرتكن إلى العمل في تنويع المصادر وتقويتها لا سيما الابعاد الثقافية التي تأخذ طابعاً تفاعلياً مع المجتمعات الأخرى، ومن هنا فإن الحاجة تأخذ شكلاً واقعياً بهدف بناء علاقات متينة مع دول الجوار، وكذا في المحيطين العربي والإسلامي.