النص الحرفي لكلمة وزير الخارجيَّة فؤاد حسين خلال الجلسة الطارئة لمجلس الأمن بشأن العدوانعلى محافظة دهوك

السيد رئيس مجلس الأمن المحترم..

السادة أعضاء مجلس الأمن المحترمون.

السادة الحضور،

تحية طيبة،

انه لشرف كبير ان اكون في هذا المجلس، لأخاطب اعضائه بتقديم الشكر والامتنان لعقد هذهالجلسة الطارئةواغتنم هذه المناسبة لتهنئة السفير رونالدو كوستا فيلهو، المندوب الدائم للبرازيلعلى تولي بلاده رئاسة مجلس الأمن لهذا الشهر، ولما يبذله من جهود كبيرة وشفافة في تنظيم عملالمجلسوأود الترحيب بإحاطة الممثلة الخاصة للأمين العام في العراق، رئيس بعثة الأمم المتحدةلمساعدة العراق (يوناميالسيدة جينين هينيس بلاسخارت، بشأن موضوع الجلسة الطارئةللمجلستعرب حكومة جمهورية العراق عن ترحيبها للبيان الذي صدّر عن المجلس يوم الاثنينالموافق 25 تموز لتنديد بهذا الاعتداء الصارخ.

السيد الرئيس

في يوم الأربعاء الموافق 20 تموز 2022، الساعة 13:50، ارتكب الجيش التركي عدواناً ضدأراضي وسيادة العراق وحياة مواطنيه، بقصف مدفعي عنيف على العوائل العراقية أثناء تواجدهافي مصيف بَرخ في محافظة دهوك، أسفر عن استشهاد 9 مدنيين من ضمنهم طفلة واحدة، وجرح33 مدنيا أعزل، مع إلحاق اضرار بالمنشآت المدنية، ومخُلفاً خسائر مادية، وقد أحطنا مجلسكمالموقر بموجب الرسالة المؤرخة في 21 تموز 2022 بتفاصيل الحادث.

يدين العراق بأشد العبارات هذا العدوان الصارخ الذي ارتكبه الجيش التركي بحق الأبرياء المدنيين،والممتلكات المدنية، والذي يُشكل عدوانا عسكريا على سيادة العراق وأمنه وسلامة أراضيه، وإخلالاًوتهديدا للسلم والأمن الإقليمي والدولي، ويُعدُ خرقاً لأحكام قواعد القانون الدولي والقانونالإنساني الدولي ومبادئ حُسن الجوار، وانتهاكاً لمبادئ ومقاصد ميثاق الأمم المتحدة والأهدافالتي قامت من أجلها المنظمة

إثر الهجوم العسكري على الأراضي العراقية، تم تشكيل لجنة وطنية من قبل الحكومة العراقيةبرئاستنا للتحقيق في ظروف هذا الاعتداء، والتي جمعت الأدلة من موقع الاعتداء تضمنت شظايامقذوفات المدفعية الثقيلة من عيار 155 ملم والتي يستخدمها الجيش التركي في المنطقة المحيطةبالمصيفوستقوم هذه اللجنة ايضاً بمهام وضع الخطوط العامة لإدارة هذه الازمة.

السيد الرئيس،

إن هذا العدوان دليل ملموس أمام المجلس على استمرار تركيا بتجاهل مطالبات العراق بإيقافانتهاكاتها العسكرية المستمرة للسيادة العراقية، وسحب قواتها العسكرية من الأراضي العراقية،فعلى سبيل المثال، لا الحصر، فمنذ عام 2018، تم توجيه (296) (مئتين وست وتسعونمذكرةرسمية ثنائية صادرة عن وزارة الخارجية العراقية الى نظيرتها التركية، للاحتجاج على هذهالانتهاكات، والتي بلغَ مجموعها 22,742 انتهاكا لحد الآن، والموثقة بموجب الرسائل المتطابقةالبالغ عددها (8) (ثمانرسائل متطابقة موجهة من المندوب الدائم لجمهورية العراق الى كل منرئيس مجلس الأمن والأمين العام للأمم المتحدة، والصادرة كوثائق رسمية من وثائق مجلس الأمن،آخرها الوثيقة التي صدرت بالرمز S/2022/500  في 23/6/2022، وقد سبق كذلك أن لجأ العراقالى مجلسكم الموقر بعقد جلسته رقم 7589 عام 2015، بشأن التوغل العسكري التركي داخلأراضيه، وطالب العراق المجلس آنذاك بإصدار قرار يتضمن إدانة هذا التوغل وسحب تركيا لقواتهاالعسكرية من الأراضي العراقية، لكننا في هذه الحالة قد توجهنا الى مجلسكم الموقر مباشرةلتقديم شكوى وتوثيق جريمة ضد الإنسانية ارتكبها الجيش التركي في وضح النهار وفي منطقةخالية من اية مظاهر مسلحة غير شرعية

نُندد امام المجتمع الدولي من جديد بالتواجد غير الشرعي للقوات العسكرية التركية في الأراضيالعراقية، ونحذر من استمرار السلوك العدواني للجيش التركي الذي قد يدفع الأمور الى ما لا يحمدعقباه، وسط حالة من الغضب الشعبي العارم الذي يجتاح العراق من الجنوب الى الشمال فيكوردستان العراق، كما نجدد شجبنا لقرار البرلمان التركي الذي اتخذه في تشرين الأول 2021 لتمديد تخويل وجود قواته في العراق لمدة سنتين، ونؤكد على ان هذا النهج لن يسبب الا فقدانالامن للجميع

تؤكد حكومة العراق على تمسكها بنهج يدعو الى حل الخلافات المتراكمة عبر القنواتالدبلوماسية والحوار وبناء المصالح والتعاون المشترك، وعلى هذا الأساس ندعو المجلس بموجبالمادة 35 من ميثاق الأمم المتحدة الى ممارسة مسؤولياته في صيانة السلم والأمن الدوليين، منخلال إصدار قرار عاجل يُلزم تركيا بسحب قواتها العسكرية المحتلة من كامل الأراضي العراقية،بإشراف كامل من المجلس، وتحميلها تبعات رفض ذلك، لإنهاء معاناة الشعب العراقي منالاعتداءات التركية المستمرة على أجواء وأراضي وسيادة العراق.

كما نطالب المجلس كذلك بإضافة بند الحالة بين العراق وتركيا على أجندة أعمال مجلس الأمن،نظراً لتكرار الخروقات التركية للأراضي والأجواء العراقية منذ سنوات عدة التي تسبب وقوعمستمر من الضحايا المدنيين العراقيين العزل، وتوسيع عدد ومساحة تواجدها العسكري غيرالشرعي على الأراضي العراقية.

السيد الرئيس، 

سنسمع بلا شك من الجانب التركي اليوم ولاحقاً، مسوّغات غير قانونية عدة بشأن تواجد قواتبلاده العسكرية داخل الأراضي العراقية، مُتذرعاً بحجج لا أساس لها، مرتبطة بمشكلة داخلية تركيةمتصلة بحزب العمال الكوردستاني التركي، ومزاعم وجود اتفاق مع العراق تسمح بالتواجدالعسكري التركي داخل الأراضي العراقية لمعالجة هذه المشكلة التركية، وسيكرر كذلك استخدامهغير القانوني للمادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة في تبرير تصرفات بلاده في انتهاك السيادةالعراقية، التي تستوجب هذه المادة ذاتها، ان تُعلّم تركيا مجلس الامن بما تقوم به من خروقاتعسكرية داخل الأراضي العراقية، وهو الشيء الذي لا تقوم به، وبالتالي لا تُنفذ المادة التي تستعينبها بل تخرق ميثاق الأمم المتحدة

وبسبب هذا الوضع، نؤكد امام المجتمع الدولي اجمع ومن خلال المجلس الموقر، بعدم  وجود أيأتفاق أمني بين العراق وتركيا بشأن السماح للقوات التركية التوغل داخل الأراضي العراقية لمطاردةحزب العمال الكوردستاني التركي (PKK)، مقابل إصرار تركيا على وجود هكذا نوع من الاتفاق،كما نذكر بان الجانب التركي هو المتسبب بهذه الأزمة من الأساس، من خلال مبادرة أنقرة مع حزبالعمال الكوردستاني التركي (PKK) عام 2013، المتضمنة في إحدى فقراتها مطالبة مسلحيالحزب بالانسحاب من تركيا الى داخل الأراضي العراقية متجاهلين بشكل كامل مشاغلنا الأمنيةوحقنا السيادي على أراضيناوأكدت الحكومة العراقية ان هذا الاجراء يُشكل تهديدا للأمن والسلمفي العراق والمنطقة وتم إحاطة المجلس بذلك برسالة موجهة من وزير خارجية العراق الأسبق الىرئيس مجلس الأمن في آيار 2013، وتوثيقها لاحقاً كوثيقة رسمية من وثائق مجلس الأمن، وطالبناالمجلس الوقوف بوجه مثل هذه التصرفات.

السيد الرئيس،

وضمن هذا المقام، ترفض حكومة العراق نهج تركيا في تصدير مشاكلها الداخلية الى العراق وأن لاتكون تسوية مشاكلها على حساب العراقوفي الوقت ذاته، تؤكد حكومة بلادي بأن السلطاتالأمنية الاتحادية التي من مهامها حفظ أمن الحدود تنسق مع السلطات الأمنية وقوات البيشمركةفي حكومة إقليم كوردستان العراق لاتخاذ الإجراءات اللازمة لمكافحة التنظيمات المسلحةوالارهابية، حيث ان الدستور العراقي يشير في المادة 7 ثانيا بان تلتزم الدولة محاربة الإرهاببجميع اشكاله، وتعمل على حماية أراضيها من ان تكون مقراً أو ممراً أو ساحة لنشاطه.     

إن العراق يطرح هذه القضية أمام مجلس الأمن لأهميتها القصوى، ولأيماننا الراسخ بمبادئومقاصد ميثاق الأمم المتحدة التي تؤكد على التزامنا المشترك “بممارسة التسامح والعيش معاً فيسلام وحسن الجوار” وكذلك “أن نوحد قوانا لصون السلم والأمن الدوليين“. وإن أملنا أن يدركمجلس الأمن مدى خطورة الموقف وأن يضطلع بمسؤوليته لصون السلم والأمن الدوليين، وللتعبيرعن إرادة العراق السياسية الصادقة وحسن النوايا نطلب من مجلس الأمن تشكيل فريق دوليمستقل للتحقيق في هذا العمل العدواني.

ومن هنا نوجز امامكم مطالب العراق من مجلس الامن وكما يلي:

1. اصدار قرار يلزم تركيا بسحب قواتها العسكرية من كامل الاراضي العراقية، حيث ان تواجد هذهالقوات غير شرعي ولم يكن بطلب من الحكومة العراقية، وليس هناك اي اتفاق او اتفاقية عسكريةأو امنية بهذا الخصوص، وان تواجدها سيؤدي الى زعزعة الوضع الامني وخلق حالة عدمالاستقرار.

2. توجيه إدانة قوية تجاه هذا العدوان، والعمل على ضمان مساءلة مرتكبي هذا الفعل الشنيعالذي استهدف المدنيين، بوصفه تهديدا للأمن القومي العراقي، وللسلم والأمن الإقليمي والدولي،عبر تشكيل فريق دولي مستقل للتحقيق في هذا العمل العدواني.

3. نطالب ادراج بند الحالة بين العراق وتركيا على أجندة اعمال مجلس الامن، نظرا لتكرارالخروقات التركية للأراضي والاجواء العراقية منذ سنوات عدة، والتي تسبب بوقوع ضحايا منالعراقيين العزل

4. إلزام الحكومة التركية بدفع التعويضات الناجمة عن الخسائر التي لحقت بالمدنيين العُزل، ومانجم عنه من توقف نشاطات اقتصادية وسياحية نتيجة هذا القصف المدفعي التركي.

ومن جانب آخر يؤكد العراق على إبداء المسؤولية وعلى نحو شفاف، وسلامة موقفه تجاه ترسيخالأمن والاستقرار الإقليميين والدوليين، يعرب العراق عن استعداده الكامل للعمل مع الامم المتحدةوالدول الاخرى المعنية من اجل إخراج عناصر الحزب العمال الكردستاني التركي من الأراضيالعراقية لان وجودها يسبب زعزعة الامن وخلق حالة عدم الاستقرار في العراق.

ان شعب العراق يتابع مداولات هذه الجلسة اليوم باهتمام شديد وآمال كبيرة، وينظر إلى الأممالمتحدة، وإلى هذا المجلس الموقر، باعتبارهما ضامنيْن للسلام والامن الدوليين، وهو على ثقة انهذا المجلس سيعمل بكل جهد واخلاص لحماية السلام والحفاظ عليه، والاهتمام بجدية كبيرة عندتعرض حقوق الدول للتهديدويتطلع لدور حاسم وفاعل للمجلس في ايجاد الحلول اللازمة ومنعأي تداعيات مستقبلية لهذه الازمة.

في الختام، تؤكد حكومة جمهورية العراق بأنها تعمل جاهدة على المساهمة الإيجابية في حلالنزاعات في المنطقة وتوسيع مساحات التفاهم بين دول الجوار عبر الوسائل السلمية، وترفضرفضاً قاطعا تحويل العراق الى مسرح لتنفيذ أجندات ومصالح الدول.

شكراً السيد الرئيس