بيان جمهوريّة العراق يُلقيه المندوب الدائم لجمهوريّة العراق لدى الأمم المتحدة في نيويورك

بيان جمهوريّة العراق يُلقيه المندوب الدائم لجمهوريّة العراق لدى الأمم المتحدة في نيويورك

السفير

محمد حسين بحر العلوم

خلال جلسة الإحاطة لمجلس الأمن

لمناقشة تقرير الأمين العام للأمم المتحدة بشأن بعثة مساعدة العراق اليونامي

نيويورك

 3 كانون الأوّل 2019

السيّدة رئيسة المجلس المُحترَمة

أصحاب السعادة ممثلو الدول الأعضاء في مجلس الأمن

    بدايةً اسمحوا لي أن أتقدّم بالتهنئة لسعادة المندوبة الدائمة للولايات المتحدة الأمريكيّة لتسنُّمها رئاسة مجلس الأمن لهذا الشهر، وكذلك أتقدَّم بالشكر والتقدير لسعادة المندوبة الدائمة للمملكة المتحدة لجُهُودها المبذولة خلال رئاستها للمجلس في شهر تشرين الثاني 2019، كما أتقدَّم بالشكر للسيّدة جينين بلاسخيرت الممثل الخاصّ للأمين العامّ ورئيس بعثة الأمم المتحدة لمُساعَدة العراق للإحاطة التي تقدَّمت بها بخُصُوص الوضع في العراق للمُدَّة من تموز – تشرين الأوّل 2019. كما نتقدّم بالشكر لسعادة السيّد روبرت مارديني الممثل المُقِيم للجنة الصليب الأحمر الدوليّة لإحاطته التي تقدَّم بها. ويسرّنا حُضُور المطران بشار وردة جلستنا هذه، والاستماع إلى إحاطته التي نتحفظ على ما ورد في بعض من فقراتها.

السيّدة الرئيس

بداية أترحَّم على أرواح ضحايا المظاهرات السلميّة في بلدي، ونُواسي عوائلهم، ونتمنّى الشفاء للجرحى.  

يمرُّ أكثر من شهر على اندلاع التظاهرات الشعبيّة في بغداد والمُدُن الجنوبيّة، وقد عبَّر الشعب بطريقة رائعة عن رأيه بوُضُوح في نظامه السياسيِّ والانتخابيّ، وفي أداء الحكومة، والإصلاحات المطلوبة على مُختلِف الصُعُد السياسيَّة والحقوقيّة والخدميّة، ولا يُعكِّر ذلك سوى وُقُوع ضحايا في صُفُوف المُتظاهِرين، والقوى الأمنيَّة؛ بسبب تعرُّض جماعات من الخارجين عن القانون للمُتظاهِرين، والقوى الأمنيَّة.

هذه الجماعات لا علاقة لها بالتظاهرات، بل تتستَّر بها، وتستخدمها كدُرُوع بشريَّة للقيام بأعمال قطع الطرق، والحرق، والنهب، والاشتباك بالقوات الأمنية مُستخدِمة قنابل المولوتوف، والقنابل اليدويّة، والأسلحة الناريّة، والسكاكين، وغيرها، فضلاً عن تعطيل المدارس، وإيقاف حركة الموانئ. وفي هذا السياق أغتنم هذه الفرصة لتوضيح بعض النقاط الجوهريَّة، حيث أودّ التأكيد على إقرار الحكومة العراقيّة الكامل والتامّ وعبر كلمة رئيس الوزراء التي ألقاها بتاريخ 4/11/2019 بأنَّ التظاهر حقّ مشروع كفله الدستور العراقيّ الدائم، وأنَّ الحكومة تحرص على إتاحة الفرصة للشعب العراقيِّ للتعبير عن نفسه، ومطالبه بما لا يُخِلُّ بالنظام العامِّ، أو انتهاك المُمتلكات العامّة والخاصّة، وأنَّها لن تألو جُهداً في سبيل تلبية مطالب المُتظاهِرين المشروعة كافة، ولاسيَّما تلك التي تدعو إلى إصلاحات اقتصاديّة وسياسيّة جوهريّة عبر سُلُوك الآليّات الدستوريّة ذات الصلة. 

    وفي هذا الصدد، تُجري حكومة بلادي بمُتابَعة من أعلى المُستويات التحقيقات اللازمة لتشخيص وكشف الجماعات الخارجة عن القانون المُندسَّة مع المُتظاهِرين، والذين يقومون بأعمال شغب ضدّ المُتظاهِرين، وضدّ القوات الأمنيَّة على حدٍّ سواء، فضلاً عن اعتداءاتهم على البنك المركزيِّ العراقيِّ، ودور الصحافة والنشر. وآخرها حرق المحالّ والمخازن التجاريّة في شارع الرشيد وساحة الخلاني وما جاورهما، وأدَّى ذلك إلى وُقُوع ضحايا وصل عددهم إلى 300 شهيد، وأكثر من 1500 جريح من المُتظاهِرين، والقوات الأمنيَّة.

    وبهذا الخُصُوص، تطرَّق تقرير الأمين العامّ عن الحالة في العراق إلى تطوُّرات الأحداث فيما يتعلّق بالمُظاهَرات مُشِيراً إلى وُجُود بعض الخروقات في استخدام العنف ضدّ المُتظاهِرين، ونُؤكِّد هنا أنَّ موقف الحكومة العراقيّة كان اتباع الطرق الدستوريّة في التعامل مع المُتظاهِرين، وعدم التعرُّض لهم، وحمايتهم، إذ ما زالت التعليمات مُشدَّدة بعدم استخدام الرصاص الحيِّ، أو أيِّ أسلحة قاتلة، علماً أنَّ القوات الأمنيّة لا تقوم بأيِّ أعمال تعرُّضيَّة، أو هُجُوميَّة، بل تقف موقف الدفاع أمام هجمات الخارجين عن القانون المُندسِّين بين المُتظاهِرين، ولاسيَّما محاولاتهم اقتحام الحواجز الأمنية في جسري السنك والجمهوريّة، وهجماتهم على المقرَّات الحُكُوميّة والأهليَّة، ووجَّه رئيس الوزراء بتشكيل لجان خاصّة بإجراء تحقيقات أصوليّة شفافة لمُحاسَبة المُقصِّرين، وإحالة هذه الملفات إلى السلطات القضائيّة ذات العلاقة؛ لمُمارَسة دورها في التقصّي، والتحقيق بشأن هذه الخروقات، وتحديد الجهات التي استهدفت المُتظاهِرين، فضلاً عن التكفُّل بعلاج الجرحى على نفقة الحكومة، سواء من القوات الأمنيّة أم المُتظاهِرين السلميِّين.

   كما أودّ أن أقتبس تعليق رئيس الوزراء السيّد عادل عبد المهدي بخُصُوص حجب خدمة الإنترنت مُؤقّتاً بالقول: “إنَّ العالم الرقميَّ حقيقة مُعاصِرة وحقّ للجميع، ولكنّ السلطات دفاعاً عن حُقُوق المجموع مُرغَمة أحياناً على تقييده عندما ترى أنّه يُستخدَم للترويج للعنف، والكراهية، وتعطيل الحياة العامّة”، والتي أعُيدت إلى العمل.

    كما أعربت الحكومة عن موقفها الرافض لكلِّ ما من شأنه تعريض أمن الوطن والمُواطِن للخطر، من بينها: أعمال الخطف، والتعرُّض للمُتظاهِرين التي تقوم بها جهات خارجة عن القانون، وأنَّ الحكومة ستقوم بالإجراءات اللازمة لحصر السلاح بيد الدولة استكمالاً لجُهُودها السابقة بهذا الصدد.

     وتلبية لمطالب المُتظاهِرين، واستجابةً لدعوة المرجعيَّة الدينيَّة العليا في النجف الأشرف التي أصدرت عدداً من البيانات أكّدت من خلالها على دعم مطالب المُتظاهِرين، ودعوة الحكومة للقيام بواجبها في الحفاظ على أرواحهم، ودعوة السلطات العراقيّة (الحكومة، ومجلس النواب) لاتخاذ التدابير اللازمة للإسراع بالعمليّة الإصلاحيّة، وإدانة التدخُّلات الخارجيَّة التي تريد حرف التظاهرات عن سلميتها لتحقيق أهداف لا تخدم مصالح العراق وشعبه، فقد أطلقت حكومة بلادي حُزَماً إصلاحيَّة واسعة النطاق بالتشاور مع أصحاب المصلحة، ولاسيَّما بعثة الأمم المتحدة لمُساعَدة العراق (يونامي) وفقاً لقرارات الحكومة العراقيّة المُرقّمة (340، 341، 363، ،364) التي تتضمَّن تشريع قوانين تُعزِّز العدالة الاجتماعيّة، وتدعم جُهُود مجلس القضاء الأعلى في مُحارَبة الفساد، مثل: إقرار قانون إلغاء الامتيازات الماليّة للمسؤولين في الدولة العراقيّة، وقانون التقاعد الجديد الذي سيُوفّر ما يقارب 300 ألف درجة وظيفيّة، وقدَّمت الحكومة مشروع قانون انتخابات جديد، ومشروع قانون المُفوَّضيَّة العليا المستقلة للانتخابات إلى مجلس النواب، وتمّ إجراء القراءة الأولى لهذين المشروعين في جلسة مجلس النواب المُنعقِدة في 19 تشرين الثاني 2019، وقام مجلس النواب العراقيّ بتشكيل لجنة التعديلات الدستوريّة التي دعت بدورها أصحاب الرأي في العراق من أكاديميِّين، وإعلاميّين، وناشطين، ومنظمات مُجتمَع مدنيّ للإسهام في بلورة صيغة التعديلات الدستوريّة المطلوبة التي تُلبِّي حاجات المُجتمَع، ومطالب المُتظاهِرين.

    وفي هذا السياق أودّ التأكيد هنا على الدور الإرشاديّ الذي تقوم به اليونامي استناداً إلى ولايتها المنوطة بها من خلال إجراء، وتعميق الحوارات مع الرئاسات الثلاثة من أجل البحث عن السُبُل، والإجراءات الواجب اتخاذها لتلبية مطالب المُتظاهِرين، ونحثها على الالتزام بالآليّات الواردة في ولاية البعثة وفقاً لقرارها 2470 (2019).

السيدة الرئيس

    اتّساقاً مع خطبة المرجعيّة الدينيّة العليا في النجف الأشرف في يوم الجمعة المُوافِق 29/11/2019، واستجابة لمطالب المُتظاهِرين قدَّم رئيس الحكومة السيّد عادل عبد المهدي طلباً بالاستقالة إلى مجلس النواب بتاريخ 29/11/2019؛ لإتاحة الفرصة للمجلس في اختيار كابينة جديدة، وقد قبلها المجلس في جلسته المُنعقِدة يوم الأحد المُوافِق 1/12/2019، وفي انتظار رئيس الجمهوريّة لتقديم مُرشَّح الكتلة النيابيّة الأكبر لتشكيل الكابينة الوزاريّة الجديدة.

أعضاء المجلس المُوقّر

     تعدَّدت مسارات استجابة الحكومة العراقيّة للتظاهرات في المجالات المُختلِفة، فبالإضافة إلى إقرار القوانين أعلاه تمّ إصدار عدد من القرارات لدعم العاطلين عن العمل من خلال تقديم مِنَح ماليّة لتنفيذ المشاريع الصغيرة، وفتح باب التعيين لحَمَلة الشهادات العليا في الوزارات العراقيّة المُختلِفة، وفتح باب التطوُّع للانتساب إلى وزارتي الدفاع والداخلية، وتقديم تسهيلات من أجل توزيع قطع الأراضي، ومنح قُرُوض الإسكان لبناء وحدات سكنيّة في المحافظات الأكثر فقراً، فضلاً عن تطبيق نظام التعويضات الاجتماعيّة، وتفعيل نظام الضمان الاجتماعيّ والتأمين الصحّي، أمّا على المُستوى الإداريِّ فقد شكّل مجلس الوزراء مجلس الخدمة الاتحاديّة الذي من شأنه أن يضمن الشفافيّة في التعيينات لجميع العراقيّين ضمن القطاع العامّ، كما أنّ الحكومة ماضية بتنفيذ برنامجها الإصلاحيّ الذي يستند على دفع عجلة التنمية الاقتصاديّة من خلال زيادة الموارد الماليّة من القطاعات غير النفطيّة، والعمل على تفعيل الاستثمار المحلّي، وإعداد قانون مجلس الإعمار، وإعادة النظر في قوانين الاستثمار، وتسهيلها، وإزالة المُعوِّقات لجذب الاستثمار الأجنبيّ بالتعاون مع كافة الدول الصديقة كالولايات المتحدة، وروسيا الاتحاديّة، والصين، والاتحاد الأوربيّ، واليابان، وغيرها.

السيّدة الرئيس

تمكّنت حكومة بلادي خلالَ المدة الماضيةِ من تحقيقِ الآتي:

  • النجاح في إعادة ما يقارب (80)% من النازحين. ويُعَدُّ هذا الأمر ثمار جُهُود كبيرة بذلتها حكومة بلادي لتحقيق مُتطلّبات العودة الطوعيّة في ثلاثة صُعُد مُهمَّة (توفير الخدمات، والتدقيق الأمنيّ والقضائيّ والجنائيّ، وتحقيق مُتطلّبات السلم المُجتمَعيّ) حيث وقّعت الحكومة اتّفاقاً مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائيّ لتنفيذ مشاريع إعادة الاستقرار في المناطق المُتضرِّرة بقيمة 33 مليون دولار.
  • تحرص حكومة بلادي على الإسراع بتقديم مشروع المُوازَنة للعام 2020 وفق الأولويّة لزيادة الموارد غير النفطيّة؛ لتعزيز نسبة المُوازَنة الاستثماريّة بما يُوفّر بيئة اقتصاديّة مُناسِبة لخلق فرص العمل، وبما يدعم الحُزَم الإصلاحيّة الجديدة تلبيةً لمطالب المُتظاهِرين.
  • تحرص حكومة بلادي على تعزيز، وتكثيف الجُهُود للتعامل مع تركة عصابات داعش الإرهابيّة، وإيجاد خطة عمل للتعامل مع (الأطفال المُجنَّدين من قبل التنظيم الإرهابيّ، والمُقاتِلين الإرهابيِّين الأجانب، وزوجات وأرامل الإرهابيّين وأطفالهن، والناجيات والمغتصبات من قبل الإرهابيّين)، فضلاً عن تعزيز الجُهُود الرامية إلى تحقيق الاستقرار في المناطق المُحرَّرة، ومعالجة الشواغل الأمنيّة المُتعلِّقة بحُقُوق الإنسان المُترتّبة على إعادة العناصر الإرهابيَّة، وأُسرهم إلى العراق، ونُشِيدُ هنا بجُهُود الدول التي تحمَّلت مسؤوليّة رعاياها، ونقلهم إلى بلدانهم، ونحثّ باقي الدول على تسلّم رعاياها من النساء والأطفال الذين انتهت مُدَّة محكوميّتهم، والأطفال دون السنِّ القانونيِّ للمسؤوليّة الجزائيّة.

السيّدة الرئيس

    تُؤكّد حكومة بلادي أنّ استقرار، وازدهار العراق هو مصلحة إقليميّة مُشترَكة، وانطلاقاً من هذه الرؤية نُؤكّد على التزام العراق بمبدأ مُهمّ في السياسة الخارجيّة نصَّ عليه الدستور العراقيّ، وهو أن لا تكون أراضيه مُنطلَقاً لأيِّ تهديد يتعرَّض لأمن وسلامة دول الجوار، حيث يحرص العراق على عدم الانخراط بأيِّ شكل من الأشكال بالصراعات، أو النزاعات الدائرة في المنطقة؛ انطلاقاً من إدراكه العميق بحجم المسؤوليّة المُلقاة على عاتقه، وإيمانه بأهمِّية صياغة سياسة قائمة على خلق حالة من التوازن تُساهِم بحفظ الأمن الإقليميّ، وتحول دون تطوُّر النزاعات إلى مُواجَهات عسكريَّة مُباشِرة؛ لهذا الغرض، ولحفظ الأمن والسلام الدوليّين يُؤكِّد العراق على ضرورة تكاتف الجُهُود، وتعزيز التشاور لتجنّب التصعيد، والتوترات في المنطقة، وندعو الدول جميعاً إلى تجنيب العراق التوترات الإقليميّة وآثارها السلبيّة على أمن المنطقة كافة، كما تحرص حكومة بلادي على تطوير علاقات العراق مع جيرانه؛ تأكيداً على تبنّي العراق الديمقراطيّ لمواقف راسخة في سياسته الخارجيّة تسعى لبناء السلام الإقليميّ.

السيّدة الرئيس

يحتلُّ التعاون مع دولة الكويت الشقيقة موقعاً مُتميِّزاً في سُلَّم أولويّات العراق وعبر التعاون مع الأمم المتحدة، حيث نُؤكّد على حرص حكومة بلادي الالتزام بقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وبذل أقصى الجُهُود للإيفاء بها.

وبهذا الصدد، يُسعدني إحاطة الدول الأعضاء في المجلس المُوقّر بالتطوُّرات الأخيرة بهذا الملفّ، ولاسيّما بخُصُوص مضمون الفقرة (4) من القرار 2107 (2013) ومن أهمِّها تسليم رفات 47 مفقود كويتيّ تمّ إيجادهم في إحدى المقابر الجماعيّة من زمن النظام السياسيّ السابق، وإيفاء العراق التامّ لملفّ الممتلكات الكويتيّة، حيث تمّ تسليم آخر دفعة من الممتلكات إلى السلطات الكويتيّة المعنيّة في 27 تشرين الأول 2019، فضلاً عن استمرار تسديد الدفعات المُستحَقّة على العراق إلى الكويت عبر لجنة الأمم المتحدة للتعويضات، والتي تبقّى منها 3,5 مليار دولار، ومن المُؤمَّل أن يتمَّ تسديدها بالكامل مع حُلُول عام 2020.

كما شهدت العلاقات الثنائيّة بين البلدين الشقيقين محطات إيجابيّة من بينها عقد اللجنة المُشترَكة بصورة مُنتظَمة بما ساهم في تحقيق تقدُّم ملحوظ في المواضيع ضمن قيود التعاون المُشترَك، وقد عقدت آخر اجتماعات اللجنة في شهر آيار للعام 2019.

وهنا نتقدّم بشكرنا وتقديرنا لجُهُود دولة الكويت الشقيقة، ومندوبها الدائم، ووفد الكويت الدائم في مُناصَرة القضايا العربيّة بحكمة ومسؤوليّة خلال عضويتها في مجلس الأمن، والتي انعكست بشكل واضح على تثبيت دعائم السلم، والأمن الدوليّين.

     السيّدة الرئيس

     إنّ الحراك السياسيَّ الحاليَّ في الشارع العراقيِّ هو تعبير عن التطوُّر في طبيعة الثقافة السياسيّة الجمعيّة والفرديّة التي تحترم الانتقال السلميّ للسلطة عبر الآليّات الدستوريّة، إذ مايزال العراق في بداية مشواره الديمقراطيّ الذي سينضج بمُرُور الوقت وعبر مُشارَكة شعبيّة واسعة في الحياة السياسيّة مع ترسيخ دور المُؤسَّسات، وقوة القانون، وأنَّ المُظاهَرات اليوم جاءت لتُؤكّد على توافر مُناخ إيجابيّ دافع للمنظومة السياسيّة لمراجعة القوانين والأنظمة العامّة في البلاد وإصلاحها، وأن تستكمل الحكومة جُهُودها بالتعاون مع مجلس النواب من أجل البحث عن الحُلُول الأفضل للإسراع، والتعجيل بالإصلاحات.

إنَّ التطوُّرات السياسيَّة الأخيرة في بلدي العراق هي دليل نضج سياسيّ مُتصاعِد تُشجِّعه الحكومة عبر احترام الحقوق والحُرِّيات التي كفلها الدستور، ومن بينها حُرِّية التظاهر، والتعبير عن الرأي، وأنَّ الشباب المُشارِكين في التظاهرات قد نشأوا في ظلّ بيئة ديمقراطيّة تُشجِّع على هذه الحُقُوق في خلاف ما كان عليه الوضع إبّان حكم النظام السابق الذي ساده الخوف الناجم من القمع الوحشيّ للحُرِّيات؛ لذلك فإنَّ مُستقبَلَ العمليّة السياسيّة سيشهد تطوُّرات إيجابيّة استكمالاً للجُهُود التي وضعت الأسس لعراق جديد ديمقراطيّ مُستقِرّ وآمن يحترم القانون الدوليّ، ويضع التعاون، والانفتاح بوصلة لعلاقاته الخارجيّة.

ختاماً

    ونُكرِّر التزام حكومة بلادي لبناء عراقٍ مُزدهِرٍ بالتنسيق والتعاون مع المُجتمَع الدوليِّ من أجل القضاء على ويلات الإرهاب، وتسريع عمليّة إعادة الإعمار، وتلبية مطالب المُتظاهِرين المشروعة من أجل تحقيق أهداف التنمية المُستدامة، ومُقرَّرات البرنامج الحكوميِّ، ووفقاً للقوانين الوطنيّة النافذة.

شكراً السيّدة الرئيس.